منصة قلب إفريقيا الإخبارية

الكوكايين يغزو دوّل الساحل

كتب :سلطان البان

تنامي ظاهرة تهريب الكوكايين إلى غرب أفريقيا يعتبر تحديًا كبيرًا يواجه المنطقة، حيث تشهد الدول الغربية منها تزايدًا في عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود.

 تعتبر غرب أفريقيا مكانًا جذابًا للمهربين نظرًا لتعقيد الأوضاع الأمنية والاقتصادية والموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي توجد به بعض من هذه الدول، مثل: موريتانيا التي باتت ممرًا هامًا لتهريب المخدرات بين أفريقيا وأوروبا، مما يجعلها وجهة الكوكايين الأولى، ويشجع ذلك ضعف تطبيق القوانين.

ويعاني نظام القضاء والأمن في موريتانيا من ضعف في تطبيق القوانين ومكافحة الجريمة المنظمة، مما يجعل نواكشوط مكانًا ملائمًا لتبييض الأموال وتجارة المخدرات, وتشير مصادر عديدة أن بعض أفراد الأجهزة الأمنية وامتدادهم الأسرى وبعض العائلات متورطة في هذه التجارة, مما يجعل فكّ شفرتها غاية في الصعوبة .

كما يشجع المناخ المالي الموريتاني على تنامي هذه التجارة المقلقة للمجتمع الدولي, حيث لا توجد مصادر معروفة لأموال الأثرياء الجدد بسبب افتقار موريتانيا إلى آليات فعالة لرصد ومراقبة العمليات المالية، مما يجعل الدولة هدفًا سهلًا لعمليات تبييض الأموال، وهذا يفتح الباب أمام تنامي نشاطات الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات. من المهم فهم كيف يغزو الكوكايين دول غرب أفريقيا، وكيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة؟

تحدث تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة UNODC في شهر يونيو 2023 عن تسجيله ارتفاعا في كميات الكوكايين المضبوطة في منطقة الساحل الافريقي وأبرز الدول التي تنتشر فيها هذه الظاهرة بشكل مفرط، هي : موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.

وقد أكد حجم الكميات المضبوطة في هذه الدول القفزة النوعية التي حدثت في السنوات القليلة الماضية لتجارة الدقيق الأبيض، حيث كانت في عام 2021 عند مستويات منخفضة تصل نحو 863 كلغ بينما باتت في عام 2024 عند مستويات بالأطنان، والدليل أنه في شهر نفمبر 2023 أعلنت السلطات الموريتانية عن إتلاف وحرق أكبر كمية من المخدرات يتم ضبطها في تاريخ البلد والمتمثلة في 2.3 طن من الكوكايين، حسب تصريحات المدير العام لمكتب تسيير الممتلكات المجمدة المحجوزة والمصادرة وتحصيل الأصول الجنائية.

 وقبل شهر من الآن تقريبًا اقتحمت الشرطة الوطنية “فندق فاصك” في قلب العاصمة نواكشوط، وألقت القبض على  أجنبي بقيم في جناح فاخر في الفندق رفقة مواطن موريتاني يعمل في شركة بينتا (للطيران الاسباني) حسب مصادر اعلامية محلية وفي حوزتهم الدقيق الأبيض.

 كما قامت مجموعة من أفراد الشرطة الموريتانية بداية الأسبوع الجاري بمداهمة منزل فاخر في “سيتى بلاج” بحي تفرغ زينة بالعاصمة نواكشوط، حيث عثرت على أطنان من الخمور, مما يؤكد أن حجم تنامي هذه الظاهرة بات مقلقا جدا، ويشير إلى تورط شخصيات كبيرة وبعض العائلات حديثة العهد بالثراء وهو ما أشار إليه قائد هذه العملية في فيديو تم بثه على وسائل التواصل الاجتماعي.

وغير بعيد من موريتانيا حيث جمهورية غينيا بيساو، ضبطت السلطات في بييساو يوم 7 سبتمبر الجاري قرابة 2633 كيلوغراما من الكوكايين على متن طائرة صغيرة قادمة من فنزويلا وهي أكبر كمية تضبطها السلطات منذ أكثر من عقد من الزمن تقريبا، وذلك في مطار أوزفالدو-فييرا في بيساو.

وأشار تقرير السلطات المحلية أن الطائرة ذات المحركين طراز Gulfstream IV، والمسجلة باسم XA-SBT، كانت تنقل 78 حزمة من الكوكايين، وعلى عكس موريتانيا التي يفلت دائما المتورطون من العقاب فإن السلطات في بيساو أوقفت 5 أشخاص كانوا على متن الطائرة المذكورة، بمن فيهم الطيار، وهم: مكسيكيان وكولومبي وبرازيلي وإكوادوري، ويواجهون الآن التحقيق مع النيابة وفقاً للاجراءات القانونية المعمول بها في البلاد.

تأتي غينيا بيساو في المرتبة الثانية بعد موريتانيا حسب تصنيف أمني دولي كنقطة عبور في غرب أفريقيا حيوية لتجارة الكوكايين القادم من أمريكا الجنوبية والمتوجه إلى أوروبا .

وينتهز تجار الدقيق الأبيض عوامل كثيرة في هذه الدول لزيادة صادراتهم من المادة المحرمة، أبرزها عدم الاستقرار والفقر وغياب القانون وضعف المنظومة القضائية وتبييض الأموال، هذه العوامل تشكل تحديًا لمكافحة الجريمة المنظمة وتطهير النظام المالي، وتتطلب تعزيز التعاون الدولي وتطوير القدرات الأمنية والقانونية لمواجهة هذه الظواهر الضارة.

 يتطلب حل هذه المشكلة تبني استراتيجيات شاملة تشمل التعاون الإقليمي والدولي، وتعزيز العمل الاستخباراتي وتعزيز القدرات الأمنية والقانونية، بالإضافة إلى تعزيز التوعية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *