منصة قلب إفريقيا الإخبارية

موسى ادريس يكتب : تشكيل حلف مصري إريتري صومالي  ..مزيد من الزيت على النار ام مجرد بالون اختبار ؟

خاص :قلب افريقيا

زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخيرة لإريتريا، والحفاوة التي استقبل بها في أسمرة، يرى البعض انها تاتي في إطار الزيارات الثنائية بين البلدين، خصوصا وأن الرئيس أسياس أفورقي يتردد كثيرا على مصر، وإن لم تلقى تلك الزيارات زخم إعلامي ملحوظ.

فيما ينظر البعض الآخر للزيارة عطفا على توقيتها، انها تحمل دلالات وإحتمالات عدة، أهمها إن مصر التي آثرت المسار التفاوضي في ملف “سد النهضة” الشائك، قد أدركت اخيرا فشل الحل الدبلوماسي بعد مرور ما يقارب العشرة سنوات على توقيع وثيقة إعلان المبادئ في الخرطوم في مارس عام 2013، وما تلاه من مفاوضات معقدة ومتعثرة أستمرت لسنوات وسنوات دون طائل نتيجة تمسك الجانب الأثيوبي بحقه في الإستفادة من مياه نهر النيل بأعتباره دولة المصب على حد زعمه .

وهنا لابد من الإشارة إلى إن المفاوض الأثيوبي أبدع في إدارة ملف المفاوضات بأسلوب “النفس الطويل” و “الشدة واللين” احيانا، مدعوما بقوى خارجية على رأسها أسرائيل وأمريكا وبعض الدول الأفريقية المتضامنة والمتعاطفة معها، بأعتبار إن الاخيرة قلعة المسيحية في المنطقة، والدولة التي لم تطئ قدم مستعمر أرضها بحسب أعتقادهم.

يبدو إن القاهرة المكبلة بوثيقة  “إعلان المبادئ” تلك، قد سئمت المماطلة المملة، خصوصا بعد إعلان اثيوبيا اكتمال منشآت السد، وحجز نحو 62.5 مليار متر مكعب من المياه داخل بحيرة السد ، خلال السنوات السبع الماضية بحسب التقديرات، وتواصل حجز المياه للوصول إلى الحد الأقصى للملء الذي يصل إلى 74 مليار متر مكعب.

ومن هنا كان لابد من التحرك عملا بمبدا إن “تأتي متاخرا خيرا من إن لا تأتي”، خصوصا بعد بروز بوادر ازمة شح المياه نتيجة تقلص حصة مصر من مياه النيل  البالغة 54 مليار متر مكعب سنويا، وهو ما تنفيه أثيوبيا في محاولة منها لطمئنت مصر المتضرر الأكبر من إنشاء السد.

في واقع الأمر، إن الهدف المعلن للتحرك المصري الاخير، هو دعم ركائز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي وعموم القارة السمراء، إضافة إلى حماية حركة الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر ، اما الخفي منها هو محاصرة اثيوبيا من خلال خلق محاور وتحالفات مع الدول المطلة على البحر الأحمر بهدف محاصرة أطماع وطموحات اثيوبيا “الدولة الحبيسة” من الحصول على منفذ بحري  باي ثمن وهو ما صرح به مسؤوليها في مناسبات مختلفة.

وهنا قد يرى البعض في توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم أرض الصومال الانفصالي غير المعترف به لاستخدام ميناء في الإقليم للوصول لمياه البحر الأحمر، فرصة سانحة لمصر لتصفية حساباتها مع اثيوبيا على خلفية مشروع سد النهضة، وإن توقيع بروتوكول التعاون العسكري الأخير مع حكومة مقديشو، منح مصر الشرعية لتعزيز وجودها العسكري في الصومال.

وبعد وقت قصير من إعلان مصر إرسال مساعدات عسكرية ونشر وحدات من الجيش قوامه خمسة آلاف جندي، أطلقت إثيوبيا تحذيرا، قائلة إن هذه الأحداث تقود المنطقة إلى “المجهول”.

وبالمقابل، قال موقع “ذي إيست أفريكا” الكيني وموقع “غاروي أونلاين” الصومالي إن دولا مساهمة بقوات في بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال تشعر بالقلق إزاء النفوذ المتزايد لحليف الصومال الجديد، “مصر”.

منسائلين ما الجديد ولماذا الان تحديدا؟! خصوصا وان مصر كانت بعيدة كل البعد عن القضايا الأفريقية خلال العقود القليلة الماضية.

السؤال الجوهري: هل الرئيس أسياس أفورقي حليف يؤتمن جانبه، خصوصا وإن أفورقي له سجل حافل من التحالفات قصيرة الأجل ونغيضها، حيث كان حليفا لحكومة الجبهة الإسلامية القومية في السودان فأنقلب عليها فجأة ودعا إلى إسقاطها، وفعل الامر نفسه مع حليفته الجبهة الشعبية لتحرير تقراي “الوياني” وكان رأس الحرية في هزيمتها، والمطرقة التي هدمت قلعتها الحصينة. والأمر نفسه مع دولة قطر وجيبوتي وحتى اليمن، واخيرا وليس آخرا  مع حليفه وشريكه في حرب أقليم التقراي الأخيرة – رئيس وزراء اثيوبيا “ابي احمد” الذي قلب له اخيرا ظهر المجن لأسباب ودوافع خفية.

الخلاصة: لا استطيع الجزم او قول عكسه، إن كان الحلف المصري الإريتري الصومالي الذي تشكل خلال زيارة الرئيس المصري الأخيرة لأسمرا، سيصب مزيد من الزيت في منطقة ملتهبة اصلا، أم انه مجرد بالون اختبار ليس إلا!!

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *