منصة قلب إفريقيا الإخبارية

سلطان البان يكتب .. العلاقات الموريتانية المالية هل عادت من بوابة بكين

اغتنم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية في يونيو الماضي و رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي العقيد عاصيمي غويتا أجواء القمة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في العاصمة بكين الساعية لتطوير علاقات الصين وأفريقيا, وذلك لإزالة الخلافات بينهما .

 و ضرب القائدان طاولة لقاء لأول مرة في بكين في 4 سبتمبر الجاري بعد أشهر من التصعيد الدبلوماسي والاستعراض العسكري الحدودي، ولم تتحدث الجارتان المتخاصمتان والمرتبطان ارتباطا جغرافيا وثيقا ببعضهما بشكل مباشر منذ بداية الأزمة بينهما مطلع العام الجاري .

 لم يكن كذلك من ضمن جدول الأعمال في قمّة بكين أن يتم هذا اللقاء الهام، لكن اتساع دائرة الامتعاض الاقليمي السياسي من قرارات وتصرفات المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي، والتي جرفت أصدقاء مالي الاستراتيجيين لخلافات ديبلوماسية .

 كان آخرهم الجزائر، رغم وقوفهم إلى جانب باماكو خلال العقوبات القاسية التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إيكواس, جعلت من الضرورة بمكان أن يتم اقتناص هذه الفرصة من أجل اجراء النقاشات السياسية والتذكير بأهمية الالتزام بالقوانين الدولية والاتفاقيات البينية لعودة الاستقرار الحدودي في المقابل تساهم باماكو تدريجيا في استعادة مقعدها الافريقي.

كان العقيد عاصيمي غويتا قد عقد العزم على اجراء هذا اللقاء قبل أن يغادر باماكو، حيث أرسل برقية شفوية إلى القصر الرمادي في العاصمة الموريتانية نواكشوط، تتضمن جَدولة هذا اللقاء على لائحة الانشطة التي سبقوم بها الرئيس الغزواني على هامش منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين .

 وجرى اللقاء كما خطط له العقيد واستمرت مدته قرابة الساعة، في “أجواء ودية وأخوية تتخللها بعض الابتسامات المتبادلة” و ذلك في حضرة مجموعة متنوعة من الشخصيات العسكرية و الديبلوماسية الرفيعة من الجانبين، وأبرزهم وزيرا الدفاع المالي ساديو كامارا والشؤون الخارجية عبد الله ديوب. وعن الجانب الموريتاني وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوق و مدير الديوان ناني ولد شروقة.

افتتح الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني كلمته مع رئيس المجلس العسكري الانتقالي العقيد عصامي غويتا, بسجل طويل واستقراء تاريخي من الاعتداءات التي ارتكبت في السنوات الأخيرة في حق المواطنين الموريتانيين  العزّل على حدود البلدين من قبل القوات المسلحة المالية المعروفة باسم “FAMA” المدعومة بمجموعة فاغنر شبه العسكرية، و التي تم دمجها مؤخرا في ما بات يعرف بالفيلق الروسي الافريقي .

 وذكر العقيد بأن كل الخطوات القانونية التي اتخذتها باماكو في سبيل محاسبة المعتدين بما في ذلك التحقيق الذي بدأته باماكو في مارس/آذار 2022 لم يصل إلى نتيجة، ولم يقلل حتى من مستوى هذه الانتهاكات التي تثير غضب و استياء سكّان نواكشوط, بل تطورت الأحداث إلى درجة اختراق حرمة الحدود الموريتانية والاعتداء على السّكان مما تسبب في انعدام الأمن على الحدود الشرقية لموريتانيا .

واشار إلى بلوغ الأزمة ذروتها حتى وصلت خطوات الاجراءات الديبلوماسية والتي منها استدعاء سفير مالي، وزيارة وزير الدفاع حننه ولد سيدي إلى باماكو, و عاد الغزواني للتذكير بتمسكه بوحدة أراضي مالي, لكنه أكد على ضرورة التعاون للحفاظ على الأمن والاستقرار الذي لا يمكن أن يتم دون تعاون تبادل المعلومات الاستخباراتية.

 وجدت مداخلة الغزواني طريقها إلى مسامع غويتا الذي يبدو أنّه فهم الرسالة وقبلها، حتى لو كان على مضض، فالغزواني ذو الخلفية العسكرية يدرك جيدا كيف يحاور عقيد متربص حديث العهد بالسلطة.

من ضمن الملفات الهامة التي تناولها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني خلال لقائه مع العقيد عاصيمي غويتا,”نشاط شركة فاغنر” و التي وصفها الغزواني بالمليشيات وهذا ليس بالأمر الجديد .

 فالغزواني سبق وأن تحدث في عدة مناسبات مشابهة عن عدم تقبله لنشاط مجموعة فاغنر لا سيما في بلاده، كان آخرها خلال لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي زار نواكشوط في فبراير 2023، حيث أعرب له عن ذلك، وهو ذات الموقف الذي جدده الغزواني على مسامع العقيد عاصمي غويتا المنتشي بخدمات فاغنر العسكرية .

تحدث الطرفان في قضايا مشابهة من بينها عودة مالي إلى الاتحاد الأفريقي، الذي يرأسه حاليا الرئيس الموريتاني. يذكر أنه في شهر أبريل/نيسان الماضي حث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي باماكو على “العمل على خارطة طريق تهدف إلى استكمال المرحلة الانتقالية الحالية”.

 وكان فكي قد اعرب عن استيائه من خطوة تعليق نشاط الأحزاب والجمعيات السياسية، باعتبار ذلك عائقا حقيقيا أمام تحقيق عودة باماكو للحضن الافريقي، ومن المتوقع أن يتم نقاش هذا الملف على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستفتتح في 10 سبتمبر المقبل في نيويورك .

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *