منصة قلب إفريقيا الإخبارية

سلطان البان يكتب .. زيارة رئيس اركان الجيش المالي الى موريتانيا هل تنزع فتيل الازمة

نواكشوط:قلب افريقيا

كنت أتوقع زيارة عسكرية رفيعة المستوى من الجانب المالي إلى موريتانيا، منذ أسبوع تقريبا وذلك بعد الأحداث التي وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية

اولا فيما يتعلق باختراق الحدود الموريتانية من طرف فاغنر والجيش المالي في 8 إبريل الماضي، والذي أكده الجانب الموريتاني في اليوم الموالي، هذا التطور الأمني الخطير شكّل بداية للتواصل المباشر بين باماكو و نواكشوط حيث أجرى العقيد غويتا إتصالا هاتفيا بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في يوم 11 إبريل لتبدأ زيارة وزارية متبادلة من الجانبين ثم ختمت حلقات الاتصال ذات البُعد الأمني بمناورات عسكرية موريتانية على حدودها الشرقية مفادها عدم قبول نواكشوط لأي استفزازات من مالي مشابهة لما حدث سابقاً وطمأنة للسكان على قدرة الجيش الموريتاني على حمايتهم.

وصول قائد أركان الجيش المالي عمار ديارا إلى نواكشوط اليوم الخميس 9 مايو. هي خطوة اتصال ضمن حلقات التواصل بين الجانبين والتي تتعلق بالأمن الحدودي في المقام الأول، وإشكالية ما يعرف “بجغرافيا التفاهمات” وهي أحد المعضلات التي تُشكل تحديا كبيرا لكلا الطرفين.

موريتانيا ترتبط بمالي بأكثر من 2000 كلم وهي مساحة شاسعة تحتاج قدرة هائلة لضبطها، ثانيا: هنالك استثمارات موريتانية معتبرة أنشأتها الحكومة في قرى العمق الحدودي بين البلدين، وهذه القرى الحدودية هي تحت السيطرة الموريتانية وموثقة إداريا ضمن حيّزها الجغرافي الاداري، بقيّت هذه القرى تحت إشراف و سلطة الدولة الموريتانية لعقود من الزمن دون تعليق من الحكومات المالية المتعاقبة, لكن في ظل التوترات الأمنية القائمة، والصراع داخل الدولة المالية المتصدعة والتي تعيش حالة من العزلة الديبلوماسية من المنظمات والهيئات الاقليمية المهمة بفعل التعليق أو الانسحاب بات هناك توجه نحو الجغرافيا بعد أن قرر غويتا إلغاء اتفاقية السلام و إعلان حرب على الحركات الأزوادية لتحرير التراب المالي حسب قوله.

يرغب العقيد ورفاقه إلى نبش الجغرافيا مع موريتانيا و حسم المشكلة الحدودية مع موريتانيا بشكل فوري، اذ تعتقد مالي أنه بات من الضروري تأمين الحدود مع موريتانيا كجزء من حربها ضد المجموعات الأزوادية التي يعتقد المجلس العسكري الانتقالي أنها تعشعش في نواكشوط بتسهيلات من النظام القائم حسب تصريحات متعددة لمسؤولين أمنيين ماليين

ربما يفكر المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي الذهاب إلى فكرة ضرب قواعد أو ثكنات عسكرية متنقلة على مناطقه الحدودية مع موريتانيا ولكن لا اعتقد أن المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي يمكن أن يستلهم هذا التوجه من وحي الخيال أو عن طريق الصدفة إسقاطا على حجم المشكلات الداخلية لدى البلاد، لهذا أتصور أنه اتخذ هذا التوجه بإعاز من حليف دولي عربي له المصلحة في التموضع جغرافيا في دوّل المنطقة كجزء من سياسته المألوفة في أفريقيا

هذا التوجه المالي الجديد نحو المشكل الجغرافي القديم مع موريتانيا، وكأن مالي تجاوزت جميع مشاكلها الأمنية وباتت أمام مشكلة الجغرافيا مع موريتانيا وحدها، يؤكد أن -مسار أمني مالي مستحدث- بات موضع نقاش متعلق بجعل موريتانيا تشعر بنوع من القلق والتوجس على أمنها القومي و مناطقها الحدودية كجزء من ضريبة على ترحيب نواكشوط بآلاف النازحين واللاجئين الأزواديين والذي تصنفهم مالي ضمن المجموعات الإرهابية التي تطاردها، ولكن في نفس الوقت مالي لا تريد التصعيد مع موريتانيا بشكل مباشر بقدر ما تسعى إلى تحقيق أهدافها ديبلوماسيا إن أمكن ذلك، فالتصعيد مع انواكشوط سيضيّق الخناق أكثر على الدولة المالية الحبيسة والتي ليس بمقدورها مجابهته من حيث المبدأ، من زاوية أخرى المجلس العسكري الانتقالي الحاكم بحاجة لترك منفذ سياسي واقتصادي مع الجيران بعد أزمته مع الجزائر.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *