منصة قلب إفريقيا الإخبارية

زيارة البرهان الي الصين هل تعني توجه السودان شرقاً

كتب :د حسب الرسول محمد سعد

 كان الطريق ممهداً أمام الصين طوال سنوات حكم الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير (1989-2019) للعمل مع حكومة الخرطوم كحليف ، استفادت بكين والخرطوم آنذاك من تباعد نظام البشير عن الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، منذ أن وضعت الإدارة الأميركية السودان في قائمة “الدول الراعية للإرهاب ، وما تبع ذلك من عقوبات سياسية واقتصادية فرضت على الخرطوم عزلة دولية.

هذا الوضع قاد لاتجاه حكومة السودان انزاك الي الصين واستمر التعاون حتى أصبحت الصين الشريك التجاري الأكبر للسودان، إلى جانب كونها المستثمر الأكبر في النفط عبر الشركة الوطنية الصينية للبترول المملوكة للحكومة” الصينية ، بعد أن اتجهت الخرطوم إلى بكين لاستخراج النفط عقب الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة منذ عام 1997، وساعدت الصين السودان في دخول قائمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط عام 1999م حيث بلغ الانتاج حوالي (500.000) برميل في اليوم قبل الانفصال.

النفط في  ظل حكومة حمدوك

بعد عزل البشير في أبريل/ 2019، ظهرت متغيرات جديدة بعلاقات الخرطوم الدولية، في مقدمتها التقارب مع واشنطن لاسيما عقب الدعم الأميركي والأوروبي لحكومة حمدوك وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في أكتوبر/ 2020، والتي بدأ الترتيب لها مع واشنطون قبل سقوط حكومة البشير بقيادة إبراهيم غندور.

وظلت حكومة حمدوك تبشر بدخول شركات النفط الاميركية الي قطاع النفط السوداني وبالمقابل اتخذت سياسات واضحة تشير الي الاستغناء عن الشركاء السابقين وعلى راسهم الصين حيث صرح أول وزير للطاقة والتعدين في حكومة حمدوك المهندس/ عادل على بخروج الشركاء من قطاع النفط السوداني في اشارة الي إنتهاء اجل معظم الاتفاقيات النفطية مع الشركاء في الوقت الذي تعد فيه انتهاء الاتفاقيات فرصة كان بالامكان توظيفها بصورة أفضل بعد ان اصبحت معظم المربعات النفطية المنتجة ملك لحكومة الخرطوم بنسبة 100% مما يعني دخول كل العائد من النفط الي البلاد دون شراكة احد  كما ان خلال تلك الفترة كانت الفرصة متاحة لدخول شركات جديده أو التجديد للشركاء الحاليين باتفاقيات جديده من خلال تعظيم نصيب الدولة .

 الا ان جهودهم لم تسفر عن اي تعاون في مجال النفط مع الغرب ولا حتى مجرد زياة للخرطوم من قبل الشركات الامريكية الكبرى مثل شيفرون وغيرها، فقط كانت هنالك زيارات محدودة للسودان من وسطاء من أصول عربية لبحث فرص لشركات امريكية صغيرة للعمل في مجال الخدمات البترولية ، مما اضطر حكومة حمدوك في نهاية فترتها الي مغازلة الصين على أمل التعاون في قطاع النفط مرة أخرى والتجديد لهم في اتفاقيات جديدة والتوسعة في المربعات التي مازالت الصين تعمل فيها .

وقد التقي الوزير الثاني في حكومة حمدوك جادين على عبيد بالسفير الصيني مشيدا بدور الصين في التعاون في مجال النفط في السودان ، ولكن لم تقدم الصين على اي تعاون جديد أو توسعة في الاتفاقيات ربما لعدم الاستقرار وتراكم الديون على السودان والتي  بلغت 2.5 مليار دولار ، كما تقدر استثمارات بكين في البلاد بنحو 15 مليار دولار، بحسب آخر إحصائيات حكومية في 2021م.

الاستثمار في المصافي

قال الخبير في مجال النفط م/ طاهر أبو الحسن ينبغي ان تستفيد الدولة بعد انتهاء الحرب من تحويل مصفاة الخرطوم بعد إعادة تأهيلها الي منشأة ربحية حيث يسمح لها ان تشتري الخام كشركة وتنتج المشتقات النفطية وبيعها في السوق بالسعر التنافسي وذلك لعدم جدوى الطريقة القديمة بعد تحرير الأسعار وبذلك تدعم المصفاة خزينة الدولة وتجنب البلاد العودة الي دعم الوقود من جانب وتحريره من جانب آخر مما يؤثر على التنافس ويشجع تهريب الوقود من المناطق المدعومة بالإضافة الي إنشاء مصفاة جديدة ببورتسودان يمكن الاستفادة من الموقع المطل على البحر الأحمر لاستقبال الخام من الخارج أو من الداخل عبر خطوط الأنابيب في حالة زيادة الانتاج  بجانب تصدير المنتجات لدول الجوار لاسيما الدول الحبيسة منها عوضاً عن الاستيراد من أوروبا وآسيا والأمريكتين.

إعفاء الديون

درجت الصين على تقديم مساعدات للدول الأفريقية الفقيرة، تتمثل في إعفاءات الديون، مقابل الاستثمار في إنشاء المشاريع التنموية، وتقديم القروض لإقامة المنشآت العامة، ولطالما اعتبرت الخرطوم محطة أفريقية مهمة للصين التي نفذت مشاريع اقتصادية كبيرة في السودان ومنها الي جنوب السودان وعدد من الدول الافريقية.

لابد من الاستفادة من التعاون الكبير بين السودان والصين في الفترة السابقة والانفتاح الجديد المتوقع خلال هذه الزيارة والتوقيع على عدد من المشروعات حيث يزور الصين وفداً كبيراً هذه الايام بقيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ويضم الوفد وزارة الطاقة والنفط بقيادة الوزير ووفد وزارة المالية لابد من الضغط على بكين لإعفاء الديون في ظل ظروف السودان الحالية واستمرار الحرب المدمرة التي أثرت حتى على نصيب الصين من النفط في السودان وجنوب السودان بايقاف الخط الناقل للنفط من جنوب السودان الي الصادر كما تأثرت الحقول التي تعمل فيها الشركة الوطنية الصينية في غرب السودان. هل يفلح الوفد بالخروج من هذه الزيارة بالعديد من الفرص في ظل التنافس الأمريكي الصيني على السودان خاصة وأفريقيا عامة.

 تنافس الصين وأميركا على السودان

     قال أحد المراقبون ليس بالضرورة إشعال المنافسة لدرجة الصراع بين واشنطن وبكين على هذا البلد الأفريقي الغني بالموارد الطبيعية ولكن بالتأكيد التنافس مشروع في ظل التتنوع بين الموارد  في السودان من بترول وغاز طبيعي ومعادن وعلى رأسها الذهب، علاوة على امتلاك السودان أراضي زراعية شاسعة وثروة حيوانية ضخمة وطاقات متجددة تنتظر الاستغلال في الوقت الذي يشهد فيه البلدان تعاون و تبادل تجاري واستثمارات ضخمة بين الصين وأميركا.

موضحاً ان بكين تتوفر لها ميزات من الصعب إزاحتها عن المشهد بأفريقيا والسودان بصفة خاصة، فهي تملك اقتصادا قويا ولا تتدخل في شؤون البلدان التي تتعامل معها، والصين لها القدرة على التعامل مع السودان لأنها تقدم شروطا ميسرة عبر نظام مرن يسمح بالتسديد على فترات طويلة للديون، وليست كأمريكا والغرب .

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *