منصة قلب إفريقيا الإخبارية

حمدوك.. تعال نحدثك

بقلم/ يحيى إبراهيم النيل

فاجأ الدكتور عبد الله حمدوك، أنصاره، قبل معارضيه، بتصريحاته التي نفى فيها الاتهامات الموجهة لدولة الإمارات العربية المتحدة بدعم ميليشيا الدعم السريع في حربها التي تخوضها ضد القوات المسلحة السودانية وضد المواطنين العزل في عدد من ولايات السودان. إذا تجاوزنا هوية قناة سكاي نيوز التي أجرت معه الحوار، المملوكة لدولة الإمارات حيث يقيم حمدوك نفسه، وإذا كذبنا ما يشاع عن علاقاته الشخصية بدولة الإمارات، يبقى امامنا احتمالان لا ثالث لهما: إما أن سيادته يعلم دعم أبي ظبي لقوات الدعم السريع، لكنه نفاه تغليباً للأنا على الوطن والمواطن، وإما أنه لا يعلم، فقال ما قال.  

دعونا نحسن الظن، رغم كل الشواهد التي تثبت غير ذلك، ونفترض أنه لا يعلم. وليسمح لنا سيادته أن نذكّره ببعض من أثار وأثبت هذا الدعم بالشواهد والأدلة والصور، وهي جهات لا يمكن اتهامها بـ(البلبسة) ولا (الكوزنة):       

أشارت (Foreign Policy) في 12 يوليو 2023 إلى تعاون الإمارات مع روسيا لدعم قوات الدعم السريع عبر مجموعة فاغنرالروسية. وأضافت: “التزمت أبو ظبي الصمت بشأن تحالفها مع قوات الدعم السريع، لكن التقارير تشير إلى أن حميدتي عمل كوصي على المصالح الإماراتية في السودان، حيث قام بحراسة مناجم الذهب التي تسيطر عليها فاغنر. ويتم بعد ذلك شحن الذهب من هذه المناجم إلى الإمارات العربية المتحدة في طريقه إلى روسيا”.

وكتبت (Wall Street Journal) بتاريخ 10 أغسطس 2023 تحت عنوان” أحد حلفاء الولايات المتحدة وعد بإرسال مساعدات، لكنه أرسل أسلحة بدلاً عنها”. وجاء في المقال أن “شحنات الأسلحة التي ترسلها الإمارات تغذي الحرب التي قتلت أكثر من 3900 شخصاً [حتى تاريخ نشر المقال، الكاتب] مما يعرقل جهود إدارة بايدن لوقف الحرب في السودان”.

وكذلك نشرت (Middle East Monitor) مقالاً في 13 أغسطس 2023 تحت عنوان: “الإمارات ترسل أسلحة إلى السودان بدلاً عن المساعدات الإنسانية”

وأكدت (Foreign Policy) في 21 سبتمبر 2023 أن “العقوبات الأمريكية على السودان لن تنجح دون مساعدة الإمارات”. مشيرة إلى العقوبات التي فرضتها واشنطن على كبار قادة قوات الدعم السريع، ومنهم الجنرال عبد الرحمن جمعة، قائد قوات الدعم السريع بغرب دارفور، بسبب تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي مقال بعنوان “في الوقت الذي تتحدث فيه الامارات عن السلام في السودان فإنها تغذي الحرب سراً”، أكدت (New York Times)، في 29 سبتمبر 2023، “أن الامارات ترسل الأسلحة إلى أحد طرفي الحرب الضروس في السودان، من قاعدة متنقلة في تشاد وتعالج جرحاه فيها”.

بدورها نشرت (The National Interest) مقالاً بتاريخ الأول من أكتوبر 2023 تحت عنوان” يجب على الإمارات أن تتوقف عن تأجيج الحرب في السودان”

وفي مقال بعنوان “أدلة جديدة على أن أحد أعضاء مجلس الأمن يقوم بتسليح ميليشيات إبادة جماعية في السودان”، قالت (Global Dispatches) بتاريخ 23 اكتوبر 2023: “لقد ظل دعم دولة الإمارات العربية المتحدة لقوات الدعم السريع سراً مفضوحاً لفترة طويلة” 

ومن الصحافة الفرنسية، كتبت (Libération) بتاريخ 28 ديسمبر 2023: ” تقدم الإمارات العربية المتحدة الدعم العسكري لقوات الدعم السريع التابعة للجنرال حميدتي، سراً، بينما تدعم القاهرة وأنقرة قوات الجنرال البرهان النظامية.

ونذكّره أيضاً بأن أعضاءً في الكونجرس الأمريكي كانوا قد بعثوا مذكرة إلى وزارة خارجية دولة الامارات طالبوها فيها بوقف دعمها لقوات الدعم السريع في السودان. وقالوا “إن إرسال الأسلحة إلى دارفور [حيث تقاتل قوات الدعم السريع أيضاً] يمثل انتهاكاً لقرار حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على دارفور بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1591”. مضيفين أن هذا الانتهاك “يشكل خطراً كبيراً على سمعة دولة الإمارات وسيضع الشراكة الوثيقة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة في موضع تساؤل”.

وهذه الاتهامات أكدتها أيضاً (Deutsche Welle) الألمانية، وأكدها كذلك أليكس دي وال، أحد أكبر الخبراء المتخصصين في الشأن السوداني، وكاميرون هيدسون، الباحث في معهد أتلانتيك، وغيرهم الكثيرون.

ربما يقول معاليه إن ذلك الدعم كان في الماضي، وإن قادة الإمارات قد نفضوا أيديهم من هذه الميليشيا بعدما تواترت الأنباء عن ارتكابها لجرائم ضد الإنسانية.  لكن نقول له إن (the Review of African Political Economy) قد جعلت عنوان تقريرها الصادر في 10 يناير 2024، “فضح القتلة – تورط الإمارات في الحرب في السودان”.

وإن (African Arguments) قد تساءلت في 21 فبراير 2024 ” كيف أبقت الإمارات حرب السودان مشتعلة؟”، مؤكدة أنه “من الممكن تتبع شبكة من خطوط إمداد الذخيرة، التي تدعم قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني، قادمة من الخليج عبر ليبيا وتشاد وأوغندا وأماكن أخرى”.

وذكّرت (The Africa Report)، في مقال نشر في الأول من مايو 2024، بأن تقريراً صادراً عن فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بدارفور، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1591، “قد اتهم الإمارات العربية المتحدة بدعم قوات الدعم السريع، مستشهدا بأدلة دامغة، تم الكشف عنها في وقت سابق من هذا العام. ووثّق تحويل الإمارات مطار أم جرس في تشاد إلى مركز إمداد عسكري ولوجستي لقوات الدعم السريع”.

 وإن الـ(Guardian) البريطانية قد عنونت أحد مقالاتها المنشورة في 24 مايو 2024 “سر مكشوف: الإمارات العربية المتحدة تغذي الحرب في السودان – ولن يكون هناك سلام حتى نسميها”.

ونوهت (Courrier international) في 8 يونيو 2024 إلى أن: “دعم الإمارات لقوات الدعم السريع في الحرب الأهلية في السودان يثير انتقادات متزايدة”.

وهذا ما أكدته (Africa Defense Forum) في 30 يونيو 2024، حين أشارت إلى أن “دعم الإمارات العربية المتحدة لقوات الدعم السريع في الحرب الأهلية في السودان قد أثار انتقادات المراقبين الذين يقولون إن ذلك يؤجج نيران العنف. لقد لعب الدعم الإماراتي للجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، دورًا رئيسيًا في نجاحاته في ساحة المعركة، وفقًا لجورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لشركة استشارات المخاطر(Gulf State Analytics)”  [وهي شركة استشارية للمخاطر الجيوسياسية، مقرها واشنطن العاصمة، تعمل على تقييم المخاطر والفرص بين دول مجلس التعاون الخليجي للمقرضين والتجار والمستثمرين وصانعي السياسات والأطراف الأخرى، حسب تعريفها في موقعها على الانترنت، الكاتب].

و قبل ذلك كتبت (Jeune Afrique)، في 13 يونيو 2024، “على الورق، تدور الحرب الأهلية في السودان بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي). ولكن في هذا الصراع، أصبحت الهيمنة الإقليمية على المحك أيضا بين المملكة العربية السعودية، التي تدعم البرهان، والإمارات العربية المتحدة، التي تزود حميدتي بالسلاح والمال”.

وإن موقع (The Africa Report) قد نشر بتاريخ 4 يوليو 2024 مقالاً تحت عنوان “الولايات المتحدة تتعرض لضغوط متزايدة لاتخاذ موقف ضد الامارات في السودان” وأشار إلى أن ” دعم أبي ظبي للإبادة التي ترتكبها قوات الدعم السريع أصبح أمراً لا يمكن تجاهله”.

ولم يقتصر تدخل الإمارات على السودان وحده، فقد نشرت (World Politics review) في 23 يناير 2024 مقالاً تحت عنوان “أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة لاعباً رئيسياً في شرق أفريقيا. وهذه مشكلة”.

وسنتجاوز أيضاً عن وصفه لسعادة السفير الحارث إدريس الحارث، “المندوب الدائم لجمهورية السودان لدى الأمم المتحدة”، بـ”ممثل الجيش في الأمم المتحدة”، لأنه نوع من الاسفاف الذي قد يفهم إذا جاء من ناشط سياسي، لا من خبير أممي يقدم نفسه، ويقدمه أنصاره، كمنقذ للسودان من وهدته.   

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *