منصة قلب إفريقيا الإخبارية

“سوفيات” ما بعد الحرب والسلام

* لم يكن أكثر المتشائمين تشدداً يتوقع ما حدث بعد صباح يوم الخامس عشر من أبريل 2023م!

* توقع الجميع الحرب، ولكن ليس بهذه البشاعة، رغم أن الحروب ليس لها وجه مشرق. ولربما لم يتوقع أحد أن تدخل الحرب كل بيت، بل تكون محصورة فقط في الثكنات وبين العسكريين. كما لم يخطر على بال أحد أن تكون القرى الوادعة المسالمة مسرحاً للعمليات وعرضة للنهب والسرقة والقتل. أما ثالثة الأثافي، فربما لم يتوقع أحد أن تكون هناك حوادث اغتصاب للنساء، واختطاف للرجال والإفراج عنهم مقابل المال. وأما إذلال المواطن وإهانته وضربه أمام الغير ولربما أمام أسرته، فهذا يفوق سقف التوقعات. وما خفي فهو أعظم في هذه الحرب اللعينة!

* مثلما لم يتوقع أحدٌ ما حدث، فلنتوقع ما سيحدث، وإن لم يخطر على بال أكثر المراقبين تفاؤلاً وأملاً!

– سوف تنتهي هذه الحرب، بإذنه تعالى، في وقت يرونه بعيداً ونراه قريباً!؛

– سوف يخرج الناس إلى الشوارع، ليس فقط احتفالاً بالنصر، وإنما استشعاراً لنعمة الأمن والأمان التي فقدوها ردحاً من الزمان؛

– سوف يصطف الرجال في الشوارع، وهم يهللون ويكبرون، وتتسابق دموع البعض منهم لتبلل الوجوه واللحى، وأصواتهم تلهج بالهتاف والحمد والثناء؛

– سوف تزين النساء الطرقات وزغاريدهن تشق عنان السماء، وسوف تسلم الجارات المتخاصمات على بعضهن البعض، وتتلاقى دموعهن في حجورهن، فتمسح كل واحدة منهن دموع الأخرى بثوبها المبلل، ومن تحمل طفلها الوليد في صدرها فسوف يرضع ذاك الطفل في تلك اللحظة لبناً خالصاً سائغاً يبقى مذاقه في فمه حتى الكبر؛

– سوف يتدافع الأطفال نحو الساحات والميادين وهم يضحكون ويرقصون ويغنون للوطن أناشيد الخلاص، ومنهم من استشهد أبوه في ميدان المعركة، ومنهم من أصيبت أمه بشظايا طائشة فتسببت لها بإعاقة ما، ومنهم من عاد أخوه منتصراً وهو يحمل معه بندقيته ليلوح بها عالياً وسط اعجاب الأطفال بهذا الفارس المقدام، وتتشكل في دواخلهم رغبة أن يكونوا مثل هذا المقاتل الشجاع عند الكبر؛

سوف تعلن الدولة انتهاء الحرب، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة في تاريخ السودان الحديث، فسودان ما بعد الحرب ليس هو سودان ما قبل الخامس عشر من أبريل 2023م؛

– سوف يتشكل واقع جديد على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، وسوف يسجل التاريخ أن السودان قد أعاد تنظيم صفوفه وترتيب أوضاعه الداخلية ومراجعة علاقاته الخارجية؛

– سوف لن يعلو صوت إقليمي أو دولي على صوت الحق الوطني السوداني، وسوف يبعث السودان برسائل الكرامة لكل دولة تآمرت عليه خلال هذه المحنة مذكراً إياها بمواقفها المخزية تجاهه، وأنه سيفعل بقوة مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات الخارجية، وفق استراتيجية وطنية مدروسة تراعي المصلحة العليا للوطن، وسوف لن يكون هناك بعد الآن، مكانٌ لتسوية أو مجاملة، في أي محفل كان!؛

– سوف يشكر السودان كل دولة وقفت إلى جانبه، وصوتت لصالحه في المحافل الدولية، أو قدمت له يد العون وقوافل الإغاثة، من الجوار الإقليمي أو غيره، وهي ليست كثيرة، وسوف يقول لها بأن السودان وأهله لن ينسوا الجميل، فهذه شيمتهم، وعندما تدور الدوائر، سوف يكون إلى جانبها، بالدعم المعنوي والمادي!؛

– سوف يخاطب السودان كل المنظمات الإقليمية والدولية ويذكرها بالمواقف المتخاذلة التي اتخذتها تجاهه خلال تلك الأزمة ويجعلها تقرأ ما بين السطور أن المارد قد خرج من قمقمه وأن عليها أن تكون بقدر مواقفها منه؛!

– سوف تدفع الأرض بكنوز السودان من باطنها، وسوف تفتح السماء أبوابها بماء منهمر لترتوي الأرض البكر، وينبت الزرع، ويمتلئ الضرع، وسوف تضج الموانئ والمطارات بصخب حركة الصادرات، وتنساب الواردات التي دُفعت قيمتها مقدماً من خيرات هذا البلد المعطاء!؛

– سوف تتلألأ العيون من بريق الذهب الأصفر، ويتدفق الذهب الأسود، وتتسابق المعادن الأخرى للخروج من مخابئها التي بقيت فيها طويلاً في انتظار هذا التاريخ المجيد؛

– سوف تزدحم البلاد بأصناف من العباد، جاؤوا من كل حدب وصوب، ليجدوا لهم موطئ قدم في هذا البلد الذي يجذب الآن أقوى الاستثمارات. وسوف تنطلق عمليات البناء والتشييد وإعادة الإعمار، على جميع المستويات. وسوف تُبنى المؤسسات والمستشفيات والمدارس والجامعات على أحدث طراز. وسوف تعبد الطرق وتشيد الكباري المعلقة وتشق القنوات والمصارف وتُربط البلاد، شرقها وغربها وجنوبها وشمالها، بخطوط القطارات السريعة والمطارات الحديثة، وسوف تنتظم حركة المواصلات الداخلية في المدن عبر شبكات الحافلات والترام ومترو الأنفاق؛

– سوف يتزاحم الغرب طالباً وُدَ هذا البلد، الذي ساهمت دوله وأذنابه من الوكلاء، في تدميره وتخريبه، بعد أن يتبين له أن شعب هذا البلد لن يرضخ ولن يُذل ولن يُهان، وأن خطابه الإمبريالي الاستعماري لن يجد طريقه إلى وجدان المواطن الذي يرفض توجهاته البغيضة، وسوف تتسابق الدول في تقديم عروض الشراكة الاستراتيجية والمصالح المشتركة طمعاً في الظفر ببعض الخيرات التي نبعت في أرض هذا البلد؛

– سوف تعيد القوات المسلحة السودانية والأجهزة الشرطية والأمنية ترتيب أوضاعها، وسوف تكون عقيدتها الولاء المطلق للوطن، وسوف تشرع في إعداد وتأهيل كوادرها ومنسوبيها ليكونوا حماة للوطن وللمواطن، وسوف تمتد هيبتها إلى العالم أجمع!  ؛

– سوف يبقى العملاء والخونة خارج أسوار الوطن، فهواؤه لا يناسبهم، فهم يتنفسون الخيانة والعمالة، ولو عادوا فلن يجدوا أرضاً يمشون عليها، فالأرض الشريفة تلفظ تأففاً كل جسد قذر يمشي عليها؛

– سوف يلتئم الجرح الوطني ويتعافى النسيج المجتمعي ويتكون شعب جديد، من أعراق واثنيات وقبائل مختلفة، ليكون المنتج النهائي هو الشعب السوداني الجديد!

اللهم استجب!

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *