منصة قلب إفريقيا الإخبارية

الكاتبة ناهد قرناص تكتب ..عالم مابعد الحرب

بورتسودان:قلب افريقيا

ادحمت الساحة الاسفيرية ما بعد الحرب ..بصور الزيجات ..ما شاء الله تبارك الرحمن ..عيني بارده ..طبعا مشاركة صور الافراح والليالي الملاح ..لمن استطاع اليه سبيلا ..لكن تلك كانت غيض من فيض ..اذ ان هناك الكثير من الزيجات التي تم انجازها بعيدا عن الميديا وباقل القليل …و (بي بركة دعا الوالدين )..وتمت اخيرا الاستجابة لرجاء مقطع الاغنية التي طالما صدح بها الكادحون والعائدون من المصانع والحقول ..وهو ان (العرس بالفاتحة يا ناس ما حلال؟ ).
على صعيد آخر وفي ذات حوش قانون الاحوال الشخصية ..هدمت بيوت وشقق ..ذلك ان الحرب ..وان جمعت بين رؤس في الحلال ..فانها في المقابل كشفت المستور في كثير من الاحيان ..وتواترت المشاكل والشكاوي من نساء وربات بيوت ..تحكي المآسي التي تكشفت بعد ان فقد الرجال اعمالهم ..وتركوا (الجيش والمماليك ) ..ومكثوا في البيوت (يغسلوا الاطباق).
تحكي احداهن ان زوجها بعد ان كان لا يطيق المكوث في البيت ..صار في دار النزوح موجود اكتر (من الضب) ..على حد قولها ..طول الوقت من ضل لي ضل ..لا يتحدث كثيرا ..وتعتقد انه و (الشر بره وبعيد ) انه على حافة الجنون ..وكان في بادئ الامر يرد عليها باختصار ..ولكنه في الآونة الاخيره ..صار يتجاهلها تماما ..وطوال الوقت (سارح في البعيد) ..الطريف انها ختمت رسالتها قائلة (انا خايفة يكون ناوي يعرس فوقي يا دكتورة ) ..الله يجازي محنك ..بوصفك دا ..دا شكلو بفكر يتخلص من الحمولة كلها .
اخرى ارسلت لي قائلة ..انها اكتشفت بعد طول سنين زواج ..ان زوجها (زول شمارات ..وقعدات جبنة )..لا يحمل هما ..وجل وقته يقضيه في المجالس التي لا تنفض الا لتجتمع مرة اخرى ..وكلما حاولت مناقشة الاوضاع الجدية معه ..يتهمها انها نكدية ..وان الحرب في نهايتها ..وانهم لابد عائدون الى سابق عهدهم ..ولا حاجة للانزعاج وشيل الهم ..وكترة النقة …وختمت رسالتها انها تفكر جادة في الطلاق ..ذلك انها اكتشفت ان زوجها رجل لا يتحمل المسؤولية ..ولا يصلح للمرحلة القادمة .
النموذجين اعلاه ..من رسائل وردت الى بريدي الخاص ..من عزيزات توسمن في الخير ..جزاهن الله الف خير ..عندما قرأت الرسائل ..طرأت على ذهني تلك الطرفة عن الزوجة التي تمتعت بخير زوجها فترة لا بأس بها من الزمن ..لكن عندما جارت عليه الدنيا وافلس ..اكتشفت انه (احوص)..والامثلة اعلاه ليس بالضرورة على ذات المقياس ..انما الحرب ..افقدت الالاف اعمالهم ووظائفهم مما اجبرهم على المكوث في المنازل ..بالتالي ساعات اكثر مع الزوجات ..ذلك الذي يؤدي الى التفحص والتمعن في احوال الزوج الذي لم يكن متاحا الى عهد قريب ..واهي النتيجة ..الراجل طلع احوص ..واخر على شفا الاكتئاب ..والاخير بتاع جبنات.
اعتقد ان المشكلة الاساسية هي العطالة ..او عدم العمل ..ذلك ان الرجل قد جبل على السعي ..بالتالي العطالة تزعجه ويختل ميزان يومه هذا اولا ..ثانيا واعتقد انه ايضا امر مهم ..ان بعض الرجال لا يتقبلون التغيير بسهولة …وبالتالي تمر بهم لحظات دخول الكهف تبعهم التي يمكن ان تستمر لمدة لا بأس بها من الزمن ..ربما تكون واضحه كما في النموذج الاول ..والذي اعتقد انه من نوع الرجال الذي يطلق عليه (قليل الحيلة ) ..غالبا ما يكون صاحب مهنة واحدة ..يتقنها ..يعيش حياته بهدوء ..بيت مستقر ..شاي اللبن في المغرب ..وبطيخة كل اسبوع ..هذا الرجل عندما يفقد الاستقرار ..يدخل في الكهف ولا يخرج الا بمساعدة ..لا تاخذك الظنون الى ان هناك انثى غيرك ..لا شئ في ذهنه ..كلما في الامر انه ياخذ وقتا لتقبل التغيير ..اعتقد انك لو بدأت مشروع زراعة منزلية ..سيجتهد في الاهتمام بها ..ومتابعتها ..فقط ..تحاش (النقه).
النموذج الثاني ..مثل الاول ..وان كان هذا يهرب من كثرة التفكير الى الضحك وقتل الوقت عسى ان ينهض يوما ما ليجد الساعة قد رجعت الى الوراء ..وعاد الامر كما كان من قبل ..هذا يا صديقتي ..دعيه يستمع لغناء ام كلثوم عندما كانت تقول (عايزنا نرجع زي زمان ..قول للزمان ارجع يا زمان)..لا عودة للوراء ..والحرب حتى وان وضعت اوزارها ..سيبقى الحال كما هو عليه ردحا من الزمان ..وعليه لابد له من الجلوس في (الواطة) لمناقشة الوضع الراهن وتبعاته.
الشئ المهم الذي اود قوله ..كما ان النساء عندهن المقدره على التعايش وتقبل التغيير بسرعه ..فان الرجال لهم القدرة على التماسك في الازمات والمواقف الصعبة ..فالاثنين مكملين لبعضهما البعض ..فان كان هو قد اخذ وقتا لتقبل الاحداث ..وهرب الى كهفه المعتاد ..مدي يدك اليه بالمساعدة ..ستجدينه معك وبجانبك ..فالرحلة تحتاج الرفقة ..ولا تحتمل الانفصال.
نخلص في نهاية المقال ..ان اصل المشكلة هو مكوث الرجل بلا عمل ..اما بقية الاحداث فهي تبعات لذلك ..النصيحة ..ان مكوث الرجل في البيت لا يمثل خطرا ..لكن (قعادو ما حلو).

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *