منصة قلب إفريقيا الإخبارية

الكاتبة السودانية ناهد قرناص تكتب ..افكار خارج الصندوق

بورتسودان :قلب افريقيا

على شاطئ المحيط الاطلسي في مدينة ( خيخون ) في اسبانيا ..يقف شامخا تمثال لامرأة ترتدي ملابس رثة ..حافية القدمين ..ابدع النحات في جعل شعرها يتطاير ..تشخص ببصرها الى البعيد …الى الشاطئ الآخر ..حيث الدنيا الجديدة ..اذا سألت عن قصة التمثال ..يسرد لك الاسبان حكايا الحرب الأهلية التي شردت الكثير من ابناءهم ..الذين توجهوا الى امريكا ..التي كانت في ذلك الوقت قبلة المهاجرين والباحثين عن وطن جديد ..المرأة التي خلدها النحات ..يبدو انها كانت في وداع ابناءها بعد ان ضاقت بهم ارض اسبانيا بما رحبت ..

هل خطر ببالك المقارنة بين حالنا في السودان وحال الأسبان ؟

ان كان ذلك فربما لأن هناك بعض التشابه في الحرب والتشرد ..لكن الفرق كبير ..بين تلك الدنيا الجديدة التي فتحت ذراعيها للمهاجرين الأسبان ..وبين تلك الأبواب التي تغلق في وجه ابناء السوادن واحدا تلو الآخر .

كنا في بدايات الحرب ..نظن انها ايام و (نرجع لي بيوتنا ..والخرطوم امان)..

لكن طال امد الحرب ..وتوالت الايام والشهور ولا حل يلوح في الافق

عندها عرفنا انه قد كتب على شعبنا التيه …

وليس هناك بلفور يبحث لنا عن ارض ميعاد في مكان ما

ولا نستطيع ان نلقي اللوم على احد !!..فقد طالت مدة الاستضافة ..وحق علينا ان ندبر امرنا ونبحث لنا عن مؤطئ قدم في هذه البسيطة ..فكرة غريبة اليس كذلك .؟ وهل تستبدل الأوطان ؟ ..لا والف لا

انما هي فكرة خطرت على بالي المرهق من كثرة ضرب الأخماس والاسداس ..(ولاعوج راي ..والعديل راي )..

فكرتي هي ان نبحث عن مؤطئ قدم في بلادنا الحبيبة ..عبر كل تلك الصحاري والسهول التي كنا نمر عليها ونحن في طريقنا الى مدننا المتباعدة ..بقع ومناطق جيدة ..تصلح ان تكون مدنا جديدة ..

طرحنا قبل الحرب فكرة عاصمة اخرى غير كرش الفيل التي تمددت حتى انفجرت ..وهاهي الحرب تأتي على اطرافها لتنقصها ..وان وضعت الحرب اوزارها ..فكم من الوقت تحتاج الخرطوم لتقف على قدميها وتعود لسابق عهدها ؟

هذه هي  الاحتمالات الصعبة التي يجب مواجهتها تحت شعار (التغريد خارج السرب يمكن ان يفيد احيانا )..الفكرة الاساسية هي اختيار مكان في صحراء الشمال او اي مكان  يصلح ان يكون مدينة وليس بالضروة ان تكون العاصمة …لا ..بالضروة الا يكون عاصمة ..لا شئ جلب لنا المشاكل غير العاصمة وتبعاتها.

مدينة يتم  تخطيطها وتعويض كل من كان يمتلك عقارا او ارضا في الخرطوم ..ويستطيع اثبات ذلك ما استطاع اليه سبيلا ..وتتضاف الجهود لاحتواء اكبر عدد من النازحين واللاجئين وفاقدي الاوطان ..

يجب علينا التفكير خارج الصندوق ..ومحاولة ايجاد مكان للعيش بعد ان ضاقت بنا السبل ..وحتى تنتهي الحرب ..والمفاوضات والتقسيمات ..ستكون مدينتنا قد ازدهرت ونمت باذن واحد احد .

ختاما اقول

تلك المراة صاحبة التمثال ..كانت قلقة على وصول ابنائها الضفة الاخرى ..اما نحن فلا ضفة اخرى تنتظرنا عند الرحيل ..لا ن شعبنا ببساطة لا بواكي له

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *