منصة قلب إفريقيا الإخبارية

خيار شعب السودان بدلا عن الحرب والموت جوعاً!

د. علي عبد القادر

يقتلني الهم ويعصف بي الألم لدرجة لا تطاق فتنفجر دموعي دون توقف مع رؤيتي لشلالات الدم المنهمرة من الدماء السودانية منذ سنوات طالت في جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وصولا الى فض الاعتصام امام القيادة العامة وليس انتهاء باستباحة الخرطوم وقرى الجزيرة. وأسائل نفسي ماذا عساي فاعل غير المساهمة في التوعية والتنبيه من الكارثة القادمة التي قد تقضي نهائيا على بقية الشعب السوداني!!!.

 العجيب في الامر، بعد ان تسببت بعض الجهات المتآمرة غير السودانية والسودانية  في ان يفتتن  ويتقاتل السودانيون مسلمون وغير مسلمين  فيما بينهم ويقسموا السودان الى دولتين دولة السودان ودولة السودان الجنوبي، كبر وتعاظم كيد نفس تلك الجهات فتسبب في ان يتقاتل السودانيون المسلمين فيما بينهم في  دولة السودان وان يتقاتل غير المسلمين فيما بينهما في دولة السودان الجنوبي بالطائرات والمسيرات والدبابات والمدافع والبنادق، وبحسب التقديرات الأولية هناك ما لا يقل عن 15 ألف مواطن سوداني تم قتلهم خلال العام الماضي، ولكن بحسب كثير من المراقبين للشأن السوداني فان عدد القتلى على الأقل ثلاث اضعاف ذلك العدد. دونما ان يعرف القاتل حقيقة لماذا يقتل ولا يعرف المقتول لما قتل، في حين تكون الجهات المتآمرة في مأمن من القتل.

في السنوات الماضية كان عدد المواطنين السودانيين النازحين حوالي مليون شخص اغلبهم من مناطق دارفور، وقد ارتفع اليوم العدد الى حوالي 8 ملايين مواطن واغلبهم من العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، ولجأ حوالي مليون مواطن الى دول الجوار في مصر واثيوبيا وارتريا وتشاد.

 من المؤكد ان هذه الحرب العبثية قد عطلت الإنتاج بكل انواعه وتخصصاته وخاصة الزراعة ولذلك فأن هناك شبح جديد يلوح في الأفق ويهدد بموت ما لا يقل عن ثلث الشعب السوداني،

نعم، فها هو شبح المجاعة يتمدد في السودان كأحد أعراض الحرب دون ان يجد اهتمام من الجهات المتآمرة، ومن المعروف بحسب مقاييس الأمم المتحدة هناك تصنيف مرحلي متكامل للأمن الغذائي ويشمل خمس مراحل هي:” المرحلة الأولى: هي الحد الأدنى من الضغوط المرتبطة بالأمن الغذائي أو عدم الإبلاغ عن أي ضغوط، المرحلة الثانية: بعض الأشخاص يواجهون ضغوطا في العثور على الطعام، المرحلة الثالثة: هي أزمة الغذاء، المرحلة الرابعة: حالة الطوارئ، والمرحلة الخامسة: وضع كارثي أو مجاعة”.

وبحسب كثير من الخبراء والمسؤولين في منظمة الغذاء العالمي هناك أكثر من 18 مليون مواطن سوداني تعدوا المرحلة الأولى والثانية وهناك حوالي 5 مليون وصل بهم الحال الى المرحلة الرابعة وهناك حوالي 230 مليون طفل يقترب حالهم من المرحلة الخامسة

 وكذلك نجد أن نائب مدير برنامج الأغذية العالمي، كارل سكاو، قد أعلن أنه “إذا أردنا منع السودان من أن يصبح أسوأ أزمة غذائية في العالم، فإن الجهود المنسقة (…) أمر ملح وضروري “، مشدداً على “ارتفاع المخاطر”. لرؤية السودانيين ينتقلون إلى المرحلة الخامسة (المجاعة) مع وصول “موسم العجاف” في مايو”.

كما “حذرت منظمة “أنقذوا الأطفال” غير الحكومية في بيان صحفي صدر يوم الأربعاء 13 مارس 2024م، من أن ما يقرب من 230 ألف طفل وامرأة حامل أو أنجبن للتو “مهددون بالموت جوعاً” في السودان”.

“حذر برنامج الأغذية العالمي يوم الأربعاء 6 مارس من أن الحرب التي تجتاح السودان منذ ما يقرب من أحد عشر شهراً “يمكن أن تخلق أكبر أزمة جوع في العالم” في بلد يعاني بالفعل من أكبر أزمة نزوح سكاني في العالم”.

هذه المجاعة التي تلوح في الأفق لن توقفها المساعدات الإنسانية التي قد تأتي او لا تأتي من الدول الصديقة وغير الصديقة ومن منظمات الأمم المتحدة الرسمية وغيرها من المنظمات، والتي ان أتت فهي غالبا ليست كافية لسد النقص الغذائي لكل السكان، ثم بافتراض انها كافية فستظل هي مسكنات وقتية قد تسد الرمق لعدة أيام او أشهر ولكنها حتما ستتوقف بمجرد ان يلتف او يركز الاعلام العالمي على قضية أخرى.

كما ان أثار المجاعة ليست وقتية فقط متمثلة في فقر الدم ونقص الخصوبة وفقدان وظائف الأعضاء والموت بل تظهر لها أثار كارثية في المدى المتوسط والطويل على صحة ونمو الأطفال الذين قد ينجون من الحرب والمجاعة.

أذن على الشعب السوداني أن يعي ان هذه الحرب العبثية التي تجاوزت العام وأهدرت فيها عشرات الالاف من الأرواح وتشرد فيها ثلث الشعب السوداني ودمر وخرب فيها ما قدر بمئات المليارات من الدولارات، ها هي تحمل في طياتها شبح الموت الجماعي بالمجاعة لما تبقى منه.

لذلك يبقى الخيار الاسلم للشعب السوداني بدلا عن الموت بالحرب او المجاعة هو المساهمة الحقيقية في إيقاف الحرب وعدم الانقياد لتجار الحرب والأزمات من الدول الأجنبية او عملائها من السودانيين، خاصة وأن وقود الحرب هو المواطن السوداني البسيط الذي يحمل السلاح رغبتا او رهبتا ويؤمر بقتل مواطنه الاخر، وهولا يدري بأنه يستعجل لموته هو وأسرته بقتل مواطنه الاخر على غرار “اكلت يوم أكل الثور الأبيض!!!

إذن خيار لا للحرب هو الخيار الاوحد للشعب السوداني وإيقاف الحرب يوضع السلاح ارضا هو خيار أبناء الشعب الوطنيين، لإن أباطرة الحرب لا ينزلون للقتال في الساحة بل هم كما قال الشاعر الفرنسي أمبروز بول توسان فاليري إن ” الحرب مجزرة تدور بين أناسٍ لا يعرفون بعضهم البعض لحساب آخرين يعرفون بعضهم البعض.. ولا يقتلون بعضهم البعض”.

تغنى فنان الشعب السوداني أبو عركي البخيت ” بمشيئة الرب واكراما لهذه الشعب. أوقفوا هذه الحرب”.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *