منصة قلب إفريقيا الإخبارية

الكاتبة السودانية ناهد قرناص تكتب .. زمن النزوح

بورتسودان :قلب افريقيا

كوب شاي ساخن احاول ان احتسيه وانا اطل من نافذه السكن الذي نتبادل انا وهو نظرات الغرباء الذين جمعتهم قاطرة في زمن ما ..بعد طول تنقل بين محطات النزوح ..آن لنا ان نلقي عصا الترحال في مكان ما ..هذا المكان لا يتوقف هطول الامطار فيه ..وانا من منطقة يشح فيها المطر حتى ان بيوتنا من طين ..كانت قطرات المطر تتنزل عليها برفق ..كأنها تربت على ظهرها وتواسيها ..فترد البيوت برائحة الدعاش الذي افتقده الآن ..هذه البلاد بلادعاش ..والامطار بلا رائحة .

الامطار هنا تهطل فجأة و تغيب سريعا ..تغسل الطرقات وتتوارى عن الانظار كانها على موعد في مكان اخر  .

اطل على الشارع والبيوت ..انظر اليها بحياد مشاعر غريب..شئ لا استطيع تحديده ..لا ادري كم من الزمن احتاجه لاحس ببعض الألفه للامكنه!

 كيف يتزوج البعض دون اي معرفة ؟ زواج صالونات ..بعد الترشيح وتبادل الصور ..يتم التقديم للتأشيره ..اقصد الخطبة ..ومن ثم يأذن الله بالسفر ..او الزواج .

سبحان الله تلك الزيجات تعمر وتستقر .. وتبني اسر سعيده .. كما قال احدهم ربما لان المعرفة تبدأ من الصفر .. دون ذكريات وعتاب .. وقصص وليست هناك حكاية (لقد تغيرت ..واين وعودك واين دموعك ..واشياء من هذا القبيل ).. ربما ينفع ذلك مع البشر وعالم التزاوج ..

لكن هل يجدي مع الامكنة ؟

 كيف نعقد صداقه مع مكان ما لم يخطر على بالنا من قبل ولم نكن بالغيه الا بشق الانفس ؟ ..ابنتي قالت لي في بدايه رحلة النزوح اننا سنكون مثل تلك البذور التي تتقاذفها الرياح حتى تلقيها في مكان بعيد ..حينها ضحكت ساخره من التشبيه  ..لكنني اليوم اتذكر قولها وأتأمله ..كم كانت صادقه !

قيل ان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه كانوا يدعون الله ان يبعد عنهم حب موطنهم الاول مكة ..وينزل عليهم محبة مهجرهم المدينة .. فاستجاب لهم ربهم ..ورزقهم محبتها حتى انهم اختاروها موطنا بعد فتح مكة .

اللهم هب لنا من لدنك رحمة

انك انت الوهاب

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *