منصة قلب إفريقيا الإخبارية

الخطوط الكينية تحقق ارباحا بعد 11 عاما من الخسائر

نيروبي :قلب افريقيا

بعد 11 عامًا، حققت الخطوط الجوية الكينية، إحدى أكبر شركات الطيران في إفريقيا، أرباحًا نصف سنوية، لتكسر بهذا سلسلة من الخسائر كادت تدفع شركة الطيران المثقلة بالديون إلى حافة الإفلاس .

قوة العُملة

عادت الشركة إلى الربحية بسبب عاملين، ألا وهما انتعاش العملة الوطنية الكينية، الشلن، واستيلاء الحكومة الكينية على التزامات قروض شركة الطيران .

في الفترة ما بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران من هذا العام، حققت الخطوط الجوية الكينية ربحًا بعد الضريبة بلغ 4 ملايين دولار (513 مليون شلن كيني)، لتتعافى من خسارة بلغت 168 مليون دولار سجلتها خلال نفس الفترة في عام 2023 .

يمثل هذا المبلغ أول أرباح نصف سنوية لشركة الطيران منذ عام 2013، عندما سجلت ربحًا بعد الضريبة بلغ 3 ملايين دولار. وعلى مدى نفس الفترة، ارتفعت الإيرادات بنسبة 68%، لتصل إلى رقم قياسي بلغ 710 ملايين دولار في الأشهر الستة الأولى من عام 2024 .

أوضح رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية الكينية مايكل جوزيف في بيان: “أن هذا الأداء الرائع إنما يدل على الكفاءة التشغيلية التي حققتها أعمالنا”.

في النصف الأول من عام 2024، ارتفع الشلن الكيني بنسبة بلغت 25% ليصل إلى 128 شلنًا للدولار، ما عكس وتيرة الانخفاض السريع للعملة في العام الماضي مقابل نظيراتها من العملات العالمية .

بعبارة أخرى، انخفض مقدار الشلنات المطلوبة للتبادل مقابل الدولار، في حركة للتعافي جعلت القروض الخارجية المستحقة أرخص بالنسبة لشركة الخطوط الجوية الكينية.

تراكم الديون والتحديات

كانت شركة الطيران قد راكمت الديون الضخمة منذ عام 2012 من المقرضين المحليين والدوليين في محاولة لتمويل توسع أعمالها لمدة 10 سنوات، ولكنها لم تلبث أن واجهت تحديات متلاحقة .

في مارس/ آذار 2013، واجهت كينيا اضطرابات سياسية إثر الانتخابات العامة. وفي وقت لاحق من العام، أغلق مطار جومو كينياتا الدولي في نيروبي بعد أن دمر حريق هائل مبنى الوصول الدولي، ما أدى إلى تعليق جميع الرحلات الجوية في القاعدة الرئيسية لشركة الخطوط الجوية الكينية .

في عام 2014، انتشر فيروس الإيبولا في معظم دول غرب إفريقيا، وقويت شوكة المنافسين من شركات الطيران غير الإفريقية الأكبر حجمًا.

وجهت هذه التحديات ضربة قوية لشركة الخطوط الجوية الكينية. فقد ضعف الطلب على الشركة وانخفضت الإيرادات في عام 2016، وهي النكسة التي أضرت بخطتها الطموحة لتصبح شركة طيران مهيمنة في إفريقيا، وهي المنطقة التي تمثل حاليًا 35 من وجهاتها الدولية البالغ عددها 42 وجهة .

في عام 2017، مع تزايد المخاوف بشأن قدرة شركة الطيران على سداد ديونها، ضمنت الحكومة الكينية سداد 525 مليون دولار لبنك التصدير والاستيراد الأميركي مقابل تسهيل قرض بقيمة 842 مليون دولار تم الحصول عليه في عام 2014، و225 مليون دولار إضافية لعشرة بنوك محلية .

خطة الإنقاذ

كجزء من برنامج إعادة هيكلة الديون لإنقاذ الخطوط الجوية الكينية، حولت شركة الطيران التي تعاني ضائقة مالية قروض الحكومة الكينية إلى أسهم جديدة، ما أدى إلى زيادة ملكية الدولة في شركة الطيران لتصبح حصة الدولة 48.9%، في حين أصبحت شركة KQ Lenders 2017، المملوكة لاتحاد من البنوك، من المساهمين من خلال تحويل قروضهم المستحقة إلى حصة من الأسهم تبلغ 38.1%.

وتنقسم الملكية المتبقية بين الخطوط الجوية الملكية الهولندية KLM (بنسبة 7.8%) والمساهمين من القطاع الخاص (بنسبة 5.2%) .

على الرغم من رأس المال المدين، لم تتمكن الخطوط الجوية الكينية من توليد ما يكفي من النقد من العمليات لتحويل شؤونها المالية .

أظهرت شركة الطيران علامات الإفلاس في عام 2018، حيث تجاوزت التزاماتها أصولها. في العام التالي، استمرت تحديات التدفق النقدي لشركة الطيران وتفاقمت لاحقًا بسبب جائحة كوفيد-19.

في عام 2022، لم تتمكن الخطوط الجوية الكينية من سداد أقساط قرضها المقررة حتى تولت الحكومة الدين المتبقي البالغ 485 مليون دولار للمقرض الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرًا له نيابة عن الناقل الوطني، وفقًا للمعلومات الواردة في البيانات المالية لشركة الطيران لعام 2023 .

ومن خلال إعادة هيكلة الديون استطاعت شركة الخطوط الجوية الكينية سداد الديون للحكومة بالعملة المحلية على مدار فترة زمنية ممتدة، ما يسهل سداد أقساط شركة الطيران ويخفف العبء الواقع على تدفقاتها النقدية المحدودة .

قالت المديرة المالية هيلين ماثوكا خلال مكالمة الأرباح في وقت سابق من هذا الشهر: “كان هذا أكبر قرض في دفاترنا”. وأوضحت أنه مع تحويل القرض، سينخفض تعرض الخطوط الجوية الكينية لتقلبات العملة بشكل كبير .

لكن لا تزال الديون الخارجية غير المضمونة المتبقية عرضة لمخاطر العملة، بما في ذلك قروض بنك التصدير والاستيراد الأفريقي ومقره القاهرة .

على سبيل المثال، في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، تكبدت الخطوط الجوية الكينية خسارة في النقد الأجنبي بلغت 119 مليون دولار بسبب الانخفاض الحاد في قيمة الشلن الكيني، ما أدى إلى وقوع الخسائر خلال تلك الفترة .

مع هذا، حققت شركة الطيران تحولًا في الأرباح خلال نفس الفترة من هذا العام بعد انتعاش قيمة الشلن مقابل العملات الرئيسية. وانخفضت المصروفات غير التشغيلية بنسبة 97% لتصل إلى 5.3 مليون دولار، ويأتي ذلك في ضوء اعتدال معدل الفائدة على القروض ومكاسب الصرف الأجنبي التي بلغت 42 مليون دولار .

عزت الخطوط الجوية الكينية هذا النمو إلى خطة التعافي الاستراتيجية المسماة مشروع Kifaru، التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في مالية شركة الطيران المتعثرة وتنظيف الميزانية العمومية، فضلاً عن إعادة تمويل الأعمال لتحقيق نمو مستدام .

وقالت شركة الطيران إنها تتوقع الاستفادة من نمو الأرباح وتحقق نقطة التعادل (بحيث يتساوى إجمالي المصروفات مع إجمالي الإيرادات) بحلول نهاية العام بما يتماشى مع خطط إعادة هيكلة الأعمال .

وقد نما عدد الركاب الذين يرتادون شركة الطيران الوطنية بالفعل بنسبة 10% في النصف الأول من العام ليصل إلى 2.5 مليون .

لا يمكن إغفال أن قطاع الطيران في إفريقيا أكثر تجزئة من نظيره في الولايات المتحدة ويمتلك عددًا أكبر من شركات الطيران الصغيرة. تنقل الخطوط الجوية الكينية عددًا أكبر قليلاً من الركاب سنويًا مقارنة بشركة الطيران منخفضة التكلفة Sun Country Airlines ومقرها مينيابوليس، والتي يبلغ متوسط ​​عدد الركاب فيها مليوني راكب كل ستة أشهر .

ماذا بعد؟

يرى الرئيس التنفيذي لشركة الطيران التجاري النيجيرية فالكون إيروسبيس، تشوكويريكا آتشوم، أن تعليق رحلات الخطوط الجوية الجنوب إفريقية لمدة 17 شهرًا قد أسهم في نتائج الخطوط الجوية الكينية.

فعلى عكس الخطوط الجوية الكينية، أوقفت شركة الطيران الوطنية في جنوب إفريقيا الخدمات التجارية في مارس/ آذار 2020 وأوقفت في النهاية جميع عملياتها بسبب الصعوبات المالية .

يقول آتشوم، في إشارة إلى احتمالية تحمل الحكومة الكينية المزيد من ديون الشركة: “على الرغم من زيادة السعة وتحسن الأرقام هذا العام، لكن الأقاويل المتداولة تشير إلى أن الحكومة في طريقها لتحمل الكثير من الديون بعد الاستحواذ على الحصة البالغ قدرها 49%”.

يبلغ الدين العام في كينيا 80 مليار دولار، وهو ما يشكل نحو 65% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، متجاوزًا العتبة التي حددها المشرعون عند 55% .

قد تؤدي خطة الحكومة لتحمل المزيد من الديون لتقليل التزامات الخطوط الجوية الكينية إلى زيادة حصتها في شركة الطيران، لكنها ستضغط على المالية العامة وتقلل حقوق المساهمين الحاليين .

وبينما لا تزال الخطوط الجوية الكينية تكافح مع كومة ضخمة من الديون، أعاد رئيس مجلس الإدارة مايكل جوزيف التأكيد على التزام شركة الطيران بخطة إعادة هيكلة رأس المال التي تهدف إلى تقليل الرفع المالي وتعزيز السيولة .

في يونيو/ حزيران 2024، كان رأس مال شركة الطيران العامل سلبيًا بمقدار 582 مليون دولار، ما يشير إلى الحاجة إلى أموال إضافية لتغطية الالتزامات المالية قصيرة الأجل بما يتجاوز أصولها الحالية.

ليس هذا العجز سوى جزء من نحو مليار دولار مطلوبة لسداد حقوق الملكية السلبية لشركة الطيران .

وقد تحول تركيز شركة الطيران الآن إلى استبدال بعض الطائرات، والبحث عن مستثمرين مهتمين بشراء الأسهم بما يضخ رأس مال جديد للشركة، وبالتبعية يسد فجوة التمويل ويستأنف التداول المعلق لأسهمها في بورصة نيروبي للأوراق المالية .

أبلغ الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الكينية، آلان كيلافوكا، المستثمرين في الإحاطة الإعلامية أن شركة الطيران تجري محادثات مع مستثمرين محتملين وتأمل في الانتهاء من الصفقة في ديسمبر/ كانون الأول .

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *