منصة قلب إفريقيا الإخبارية

إذا أسند الأمر إلى غير أهله

الواثق بالله على الأمين

الصورة المنشورة في لب المقال تعبر عن واقع معاش وتجارب متكررة، مثلما تفعل مليشيا الدعم السريع في السودان الآن. فهي عندما تسيطر على مدن وقرى وطرق ومعابر تعجز عن القيادة لأنها لا تملك المؤهلات المطلوبة للقيادة. فقد استولت على مبنى الاذاعة والتلفزيون السوداني العريق وبدلا من استخدامه كأحد أهم منصات الإعلام جعلته معتقلا للأسرى وعاث جنودها فيه تلفا وتدميرا وقاموا بسرقة بعض المعدات القيمة وشروها بثمن بخس… وفي أماكن أخرى سيطروا عليها قتلوا الأبرياء وانتهكوا الأعراض ونهبوا الممتلكات ونشروا الرعب والخوف واجبروا المواطنين على الهجرة والفرار خوفا وقسرا…

وفي حياتنا تمر علينا تجارب نري فيها من يتقلد منصبا أو يولي مهاما في مؤسسة أو في أحد دواوين الحكومة لاعتبارات ليس من بينها امتلاك المقدرة المطلوبة أو اكتساب المعرفة الضرورية أو استيفاء المعايير الأساسية لهذه الوظيفة أو المهمة. وحتما سوف ينعكس الأداء سلبا على نجاح العمل، بل احينا يؤدي إلى الدمار والهلاك.

وفي الأثر إن بني إسرائيل طلبوا من أحد انبياءهم ان يعين لهم ملكا يحاربون تحت قيادته، فاختار لهم طالوت ملكا فاعترضوا عليه وقالوا (… اني يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال، قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم.)، لاعتقادهم بان معايير الملك للقيادة عندهم ان يكون من بين أولاد يهوذا بن يعقوب عليه السلام وليس من عامة الناس وأن يكون ثريا من أصحاب الأموال. فأخبرهم نبيهم بان الصفات المطلوبة آنذاك لأداء مهمة القيادة في الحرب للقتال هي الزيادة في العلم والمعرفة والشجاعة والقوة في الجسم، فقال (وزاده بسطة في العلم والجسم).

وكذلك في قصة الرجل الصالح في مدين حين زوج ابنته لنبي الله موسى عليه السلام الذي وصفته إحدى ابنتيه فقالت: (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين). فكانت صفات القوة والأمانة والعفة مهرا للزواج.

وعندما أرسل الله تعالى موسى إلى فرعون قال: (إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني، فأرسل إلى هارون).  وكانت في لسانه عقدة فدعا ربه قائلاً: (رب اشرح لي صدري ويسّر لي أمري٫ واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي). وكانت الصفات المطلوبة لإبلاغ الرسالة هي سعة الصدر لتحمل الأذى والصبر على الشدائد وطلاقة اللسان بإزالة عقدة “اللثغ”.. ليتمكن من المحاورة والإقناع..

ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما طلب منه أبو ذر الغفاري إن يوليه إمارة قال له: (يا أبا ذرٍّ إنك ضعيفٌ و إنها أمانةٌ و إنها يومَ القيامةِ خزيٌّ و ندامةٌ، إلا من أخذها بحقِّها و أدَّى الذي عليه فيها. وكان المقصود تحمل اثقال الولاية وتكاليفها.

قال المتنبي:

لولا المشقة ساد الناس كلهم * الجود يفقر والإقدام قتّال

فإن القائد عندما يبذل لا يخاف الفقر ولا يخاف الموت عندما يقود قومه ويتقدمهم.

وقد ورد في الحديث الشريف أن رجلا سأل الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم عن موعد قيام الساعة فأجابه بقوله:

إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال كيف إضاعتها يا رسول الله، قال إذا أسند الأمر الى غير أهله.

ومن الامثلة القليله ندرك إن القيادة تتطلب:

العلم والمعرفة، القوة والشجاعة، الأمانة، الصبر وسعة الصدر، الحكمة والموعظة، الخطابة والمجادلة، الكرم، الإقدام..

إذا، السيطرة لا تعني القيادة…..

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *