منصة قلب إفريقيا الإخبارية

9 طوييييلة جداً

كتبت أكثر من مرة بسخرية أن المدينة الفرنسية التي أعيش فيها آمنة جداً وأن الواحد منا يمكنه أن يتجول في أي من شوارعها الخالية من المارة في وقت متأخر من الليل وهو يمسك هاتفه الجوال في يده دون خوف من هجوم مباغت من أحد أفراد عصابات (9 طويلة). وهذه حقيقة. وحتى في الغالب الأعم من المدن الكبيرة توجد حالات (نشل) الهواتف خلسة، لا سرقتها بالإكراه.

لكن بعض اللصوص قد خَطَبَ الحَسناءَ ولَم يُغلِها المَهر: هاجم شاب نهاية الأسبوع الماضي تاجر مجوهرات فرنسي في أحد أرقى شوارع باريس ونهب حقيبة تحوي مجوهرات بقيمة مليون يورو. وقبل بضعة شهور نجح لصوص من البيرو يقيمون في برشلونة في أخذ حقيبة مجوهرات سيدتين إماراتيتين بقيمة 1.5 مليون يورو في مطار نيس بفرنسا، دون أن يشعر بهم الحمال الذي كان يحمل حقيبة المجوهرات مع عدد مقدر من الحقائب الأخرى.

ولأن الألمان متفوقون في كل شيء، فقد اكتفي بعض اللصوص هناك بسرقة مجوهرات بمليار يورو (بس) من متحف بألمانيا.. ولأن الانجليز شعب محافظ فهم لا يزالون يمارسون السرقة بالأساليب العريقة حيث اشارت صحيفة الشرق الأوسط مؤخراً إلى تزايد مخاوف الزوار من منطقة الخليج العربي بسبب انتشار حوادث السرقة تحت تهديد السلاح والهجوم بالمواد السائلة الحارقة (موية نار وكدة!)

أما نحن في السودان، ولأن طموحاتنا صغيرة في كل شيء، فقد اكتفينا بمثلنا القائل (كان عشقت أعشق قمر. وكان سرقت أسرق جمل).

ولا يمكن ذكر سرقة الجمال دون الحديث عن الهمباتة، وهم الرجال الذين يمارسون عملية نهب الإبل دون سواها، وواحدهم (همباتي). ويسخرون ممن يسرق خلاف ذلك. من قصصهم أن أحدهم سُجن مع رجل سرق (صفائح زيت) وكان يذكر فعلته كثيراً في حديثه، الأمر الذي اثار حفيظة الهمباتي فنظر إليه باحتقار وقال:

ماني التنبل القاعد يقول سويت

ويشهد خالقي كان يوم السؤال قرّيت

كان بردن نسيهن محلب وسوميت

وكان حرّن، بُكار ماهن صفائح زيت

وهم على استعداد دائم لمواجهة أصحاب الإبل المنهوبة الذي يفزعون لاستردادها. ولذلك تكثر في اشعارهم كلمتا (بردت) و(حرت)، بمعنى أن ما سرقوه كان غنيمة باردة أو أنهم قاتلوا أصحاب الإبل المنهوبة. والسودانيون يطلقون على الحرب والقتال كلمة (حارة):

البكرة السيدها عاجباهو ومسيلها كناتل

دي نسوقها، وكان لمّ الفزع بنكاتل

وهم يسرقون من الأغنياء الذين لا ينفقون على الفقراء لإعطاء ما سرقوا للفقراء. قال أحد شعرائهم في إحدى مربعاته الشعرية: “نحن مَسَلَّطين مِنَّ الله للما بزكّوا”. لكنهم ينفقون ما يسرقون أيضاً على مجالس اللهو ولنيل رضا المحبوبة أو الجارية في هذه المجالس. ولهذا قال شاعرهم أعلاه أنهم يشترون للمحبوبة عطوراً ومجوهرات (محلب وسوميت). وقال الآخر:

الهمباته نحن أصلنا معروفين

بلا حق الرجال ما عندنا تعيين

ما بنتدبى ليه، بنشيلو حمرة عين

بي موت بي حياة لازم نرضي ام زين

ومن قيمهم أنهم لا ينهبون إبلاً سارحة بلا راعٍ، بل يأخذونها عنوة، كما قال شاعرهم (نشيلو حمرة عين). وهم لا ينهبون إبل رجل كريم ولا يتيم ولا فقير. ولا يذكرون اسم من كان مشتركاً معهم في عملية النهب إذا تم استجوابهم بواسطة السلطات الأمنية (يشهد خالقي كان يوم السؤال قرّيت)، وغير ذلك من القيم السمحة، رغم ممارستهم فعلاً شنيعاً.

وللهمباتة ملكة شعرية مدهشة. يظهر ذلك في مجاراة بعضهم لقصائد آخرين منهم. قال أحدهم:

الولد البدور الشكره يابى الشينه

يبعد رِدّو غادى ينطح بوادي جهينة

اما نجيب فلوسا تبسط الراجينا

وللا أم روبة لا حولين تكوفتو علينا

(بمعنى أن ذات الشعر الغزير تمتنع عن مشطه ودهنه لمدة عامين حدادا علينا).

وقال آخر

الولــــــد البدور في قفاهــو ما يتشَنــّف

اللحجـــــم قُجة اللشَق الطويل ومقنّـــفْ

أما يجيب رُضــــى السمتانة ما بتخنّـــــــف

ولا أم رُبـــــة لا حولين تَكوفتُوْ مَصَنّـــف ْ

وقال آخر:

الولد اليخاف القبيلة تلومو

يخلف ساقو فوق تيساً رقيق قدومو

أما جاب رضوة البهم البينقر فومو

وللا اتكاتحن قدح الرماد حرومو

وقال آخر

الولـــــد البِدور فـــــــُوق القبيلــــة يشَكـر

بخلــف ساقـــــو فوق بلد العدو ؤيتْـــــــوكّر

أمّن جــاب رُضْوَة البَهَم اللهيّجـــو مسَكّر

وآمـــا اب صلعة فُوق ضلّاعو تيتل ؤكَرْكَرْ

وقال آخر

الولد البدور الشكرة ما يتلام

يخلف ساقو ويخت أب عشرة من قدام

إن بردن نسيهن محلب وهدام

وإن حرن صناديدا نقابل الجلة مافي كلام

وقال آخر في ذم من يبقى في الحي ولا يسافر للنهب:

نـــاس قدر الله قاعــدين في الفريق ما بخترو

من “كُـبـِّى” وكشف حــال الحريــم مــا بفترو

أنـــا البختـر براي اسد الرضيمــة بنترو

صاحبــي إن ضلا ما بفشــاه ديمه بســترو

(الرضيمة: الغابة الوعرة)

وقال صاحبه:

ولداً يطبق المسرة فوق المسرة

يخلف ساقو فوق ضهر اب قلايد ويسرى

حقب قربينو فوق جربانو خت اب كسرة

فرقا شتى من ناس “يمة زيدي الكِسرة”

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *