منصة قلب إفريقيا الإخبارية

زيت شمالنا في بيت جنوبنا

المعز محمد الحسن

عرض فيلم وداعاً جوليا في نيروبي على مدى أكثر من أسبوع، نهاية مايو الماضي. رغم كل ما قرأته عن الفيلم فقد فاقت روعته كل توقعاتي.

“وداعاً جوليا” رسالة اعتذار من الشمال للجنوب. رسالة لطيفة، وإن كانت حزينة، صاغها تأليفاً وإخراجاً محمد الكردفاني عبر عمل فني رفيع هو في نفس الوقت رسالة سلام فنية راقية من البلدين للعالم.

“وداعاَ جوليا” رغم أنه يستلهم قصته من حدث سياسي إلا أنه يتخطى السطح السياسي إلى مستوى إنساني أعمق ليجعلنا نكتشف أن خريطة السودان الكبير لا زالت حية داخل وجدان الشعبين. وفي الواقع هي لا تزال موجودة جغرافياً فالخط الحدودي بين البلدين يكاد لا يكون موجوداً عملياً. ويبدو أن الوحدة التي خرجت من باب السياسة تعود اليوم من شبابيك الفن والرياضة والثقافة.

تابعت بعض المنشورات من قبل مدونين من جنوب السودان تعليقاً على مباراة كرة القدم الأخيرة بين السودان وجنوب السودان. كثير منها تناول الموضوع بروح مرحة وحفل بالتهاني الصادقة للفريق السوداني. وخلال دردشة حول الموضوع مع الزميلة إيمان خبير، تفاجأت بأنها مثلي تتابع ما يكتب في صفحات المدونين من جنوب السودان. و ارسلت لي مقالاً لطيفاً لدينق قوج يقول فيه :

“في الاستاد وكلي امل وخاتي في راسي منتخبا الاتعادل مع السودان مرتين وكان اقرب للفوز… اها جابوا فينا قون …. قلنا في أمل وقاعد نشجع والسودانيين بهتفوا (دبل ليهو) …. لعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا …. حيلي مات وقعدت في مقعدي … وجات الصاقعة قصدي الثالثة …يلا الجمهور السوداني غيروا الهتاف الى ياهو ده الشغل ده الشغل”…

ثم يصف دينق قوج “مكاواة ” إخوته الصغار له قائلاً: ” دخْلتي كدا عينك ما يشوف الا النور اخواني الصغار Chabur Goc و Daniel Tukobs طلعوا فلول.. ..شبكوني ليك… لقيت المعاملة كيف ؟ قلت ليهم من ياتو ناحية ؟ ما عجبهم الإجابة…قالوا لي قول ميعاااااااا قول بااااااااع…”

وعن الخطأ الذي وقعت فيه اللجنة المنظمة للأولمبياد بعزف النشيد الوطني السوداني بدلا عن نشيد جنوب السودان في أول مباراة لفريق جنوب السودان في باريس، كتب جال مقوك في مقال بعنوان “زيتنا في بيتنا” :

“عزف نشيد السودان الشقيق في أولمبياد باريس ” نحن جند الله” بدل من نشيد دولة جنوب السودان، ما فرقت فكلنا واحد وشعبين في البلدين وجات بخيرين. ان شاء الله المرة الجاية سيعزف نشيد جنوب السودان وسنغني ليهو كلنا زي ما غنينا سوا في نشيد السودان اليوم.. المهم حاجة ما خطيرة، طالما النشيد نشيد سودانا الأم والأشبال برضو وقفوا وقفة الإحترام ليهو لحدي ما إكتمل”…

من أجمل مشاهد وداعاً جوليا مشهد لقاء إيمان وجوليا. فقد بحثت إيمان عن جوليا التي خرجت غاضبة من البيت حتى وجدتها. لم تعتذر إيمان التي كانت تفتقد صديقتها بشدة وإنما وضعت رأسها في حجرها كما يفعل الطفل بحثاً عن الأمان في حجر أمه. المشهد في نظري يمثل الذروة الدرامية للقصة « climax ».        

تذكرت عندها ذلك المقطع الرائع من أغنية محمد الأمين “زاد الشجون”، أجمل ما قيل شعراً وأعذب ما عزف لحناً في وصف دفء اللقاء بعد طول شوق:

ما افتكرت الحظ يساعد

عمري يورق من جديد

من بعد فرقتنا ديك

مين كان بيفتكرك تعود

كنت بحتاج ليك بشدة

وانت عني بعيد

وعندما يقول :

إدعينا و قلنا تاني ماحنشتاق

في عمرنا

وقبل ما تمر ليلة واحدة

بحرارة الشوق غمرنا

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *