بورتسودان :قلب افريقيا
عبر الاسافير اتت الينا قصة فريده من نوعها .. ان امراه تدعى (دورثي داوسون ) قد تقدمت بطلب للطلاق من زوجها (باري) البالغ من العمر 84 عاما ..لانه قد تظاهر باصابته بالصمم لسنوات طوال ببساطه حتى لا يستمع لحديثها ..وفقا لاوراق الطلاق ان باري لم يتفوه بكلمة واحدة طوال عشر سنوات من الزواج ..وانها وفي سبيل التواصل مع زوجها تعلمت السيدة داوسون لغة الاشاره..
التحقت بصف لغة الاشاره لمدة عامين ..وما ان بدات تنجح وتتواصل معه بالاشاره ..اذا بصديقنا باري يشكو من ضعف الرؤية ..ويشير بيده انه لا يرى جيدا …
انتهت القصة ولم تردنا اخبار عن سير القضية ..وكيف تم تعويض السيدة عن سنوات الخداع ..لكني اطالب بمنح جائزة الاوسكار للسيد باري لقدرته على التمثيل طوال عشر سنوات دون كلل او ملل ..وودت لو استنطقه الخبر ..وسالوه عن الفكره من اين اتى بها ؟ ..وفيما كان يفكر وهو يتابع اجتهاد زوجته في التواصل معه باستخدام لغة الاشاره ؟
عندما قرأت القصة اعلاه ..الغيت مقالا كنت قد بدات كتابته لاستراحة الجمعة وكان مبنيا على محاضره استمعت اليها في احدى مواقع التنمية البشرية ..محور المحاضره كانت الباحثة تنصحنا فيه قائلة ان اردت ان تجعلي زوجك متعلقا بك ..(لا تتحدثي اليه ..بل تحدثي معه) ..بمعنى الا تبدأي الحديث عن اشياءك وتفاصيل يومك المملة ..لكن انتظريه ليبدا هو الحديث لتشاركيه الافكار ..وتثري النقاش
اها نعمل شنو في نوع باري الصامت كالاسماك دا؟ ..باري الذي (فات الكبار والقدرو؟) ..ما الذي كان يهرب منه باري ؟ ترى ما كانت انواع احاديثها دورثي لكي يجنح الى الصمم ؟ اعتقد جازمة ان احاديثها كانت عادية ..كاي امراة تنتظر زوجها لكي تتقاسم معه تفاصيل يومها ..لكن نقول شنو في باري الاناني !
قصة باري ..مع نصيحة مدربة التنمية البشرية جعلاني افكر مليا في الامر كله ..وانتبهت الى اننا كنساء قد تم غسل ادمغتنا بموضوع اجتهاد التواصل مع الشريك ومشاركته اهتماماته ..في المقابل ..لا نصائح للجانب الاخر بمنحنا فرصة ..اذ ربما اعجبتهم ادمغتنا
والحق ان النساء حاولن جاهدات مشاركة الرجال الاهتمام ..لكن ماذا كانت النتيجة ؟ ..دعنا نحكي ..اهتمامات الرجال لا تخرج من ثلاثة انواع ..اما سياسة ..وفي الغالب يكون الرجل له راي محدد يريد فرضه ولا مجال لك الا ان تقولي (آمين) ..او رياضة وفي الاغلب كره القدم ..وهذا اخطر لانه التاكيد سيكون متعصبا لاحد الانديه ..ولن يرضى باي تعليق يمس ذلك النادي ولو من بعيد ..
اما ثالثة الاثافي فهي محبة السيارات وكل ما يقرب اليها من قول او فعل …وهذه يمكن ان يفرد لها مجلدات وكتب في تعلق الرجل بسيارته واهتمامه بتفاصيلها ..الرجل ما ان يدير مفتاح سيارته ..الا ويعرف ان بها خطب ما (الصوت دا ما عاجبني ..في شئ في المكنة ؟ لا ..كبريرتر ..لا العادم كاتم ؟؟) المهم انه لن يهدأ له جفن الا ويكون قد تم تحديد الخطا ومعرفة السبب ..
لكن ذات الرجل اعلاه ..يعجز عن الانتباه الى الفستان الجديد الذي ارتدته الزوجة من اجله ..او تلك التغييرات التي حدثت في ديكور الصالة ..وفي هذا الصدد تحضرني طرفة اسكتش لطيف ..يظهر فيه زوج لبناني يتصل بالصالون النسائي ..ليسأل مالكته عن الخدمات التي تلقتها زوجته قبل قليل ..لتجيب عليه قائلة ان زوجته قد (صبغت شعرها باللون البني ..وانها عملت مانكير وبديكير للايدي والارجل ..) ..ما ان تدخل الزوجة الى البيت ..يعاجلها بقوله (لك ما احلى ها اللون ع شعرك ..شو حلوين ضوافرك ..ما شاء الله عليك تخزي العين حبيبتي) ..اعتقد ان الفكرة جيدة رغم خبثها ..فالغاية في النهاية تبرر الوسيلة .
المهم عودا على بدء ..وحتى لا نضيع من قصة باري المحتال ..وتعليمات مدربة التنمية البشرية ..فانني اطالب باعادة ضبط المصنع ..والعودة الى الاتفاقية الازلية بيننا وبين حملة الواي كروموسوم ..وهي نظرية (بكره النقة) ..وهي التي يتم فيها تقسيم ايام الحديث بين الرجل والمراة لكل واحد يوم من حقه التحدث فيما يريد من مواضيع ..وربما ستجدون اننا متحدثات لبقات وانه يمكننا خلق مواضيع حديث جميلة تجذب الانتباه ..واعتقد ان قسمة الحلال والبلال هذه تغنينا عن قصص باري وامثاله ..
اما انت يا باري ..فاننا خليناك للي اللا نام ولا اكل الطعام ..شكيتك على الله