منصة قلب إفريقيا الإخبارية

ناهد قرناص تكتب ..  شهادة حياة في السودان

خاص :قلب افريقيا

كان والدي رحمة الله عليه كلما ذهب لاستلام المعاش يطالبونه بورقة يطلق عليها (شهادة حيا )..وهي تفيد ان المذكور اعلاه حي يرزق وقد شوهد يرتاد الأسواق والمناسبات ..وكان رحمه الله يدخل في جدال مع الموظف الحكومي كل مرة قائلا له (انا واقف قدامك ..وتقول لي شهادة حياة؟) ..لكن ما باليد حيلة ..ولا يمكننا لوم الموظف على تطبيق القانون ..ولست ادري ان كانت الدوائر الحكومية السودانية لا تزال تطالب بشهادة الحياه هذه ام طالها التغيير كما اتمنى.

تذكرت شهادة الحياة هذه وانا انتظر كل فترة تطول او تقصر (ما بين الاسبوعين الى الشهر) ..رسالة من صديقة ..اجبرتها الظروف على البقاء في مناطق الحرب ..وتبذل جهدها في البقاء حيه هي واخوتها ذوي الاحتياجات الخاصة ..ووالدتها المريضة.

رسالتها الصوتية ان وجدت (شبكة ) جيدة ..او المكتوبة على اسؤا الفروض ..سميتها شهادة حياة ..او كما تقول هي (اشعار بالبقاء على قيد الحياة ) ..الشئ الغريب انها لا تزال تحتفظ بمرحها وقفشاتها رغم صعوبة الحال ..اذكر انها قالت ذات مره (بقينا زي الانسان الأول ..رجعنا الى التقاط الثمار وجمع الحطب من الشارع عشان نولع لينا نار ..لا كهرباء ولا غاز ..والحمد لله بنمشي نجيب مويه من الجامع القريب )..

الجزء المؤلم من الحكاية ..لم نعرفه بعد ..ذلك ان تفاصيل يوم واحد لانسان لم تسعفه ظروفه للخروج من اماكن الحرب ..تشيب لها الرؤوس ..هل يمكن تصور دقيقة تمر وانت مهدد بتلقي قذيفة ..او تدوين ..او طلقة طائشة في اي لحظة ؟ ..ان لم يكن الموت بهذه الطريقة ..فكيف بالجوع ؟ بالمرض؟ بانعدام الدواء ؟ ..بالحزن ؟ باليأس ؟ بفقدان الاحبة والأهل ..تعددت الأسباب والموت واحد ..لكن الأسؤا من كل هذا ..والخطر الذي يتربص بنا جميعا ..هو التخوين

تلك الأصوات التي بدأت ترتفع مؤخرا بتوزيع الاتهامات ..على ان البعض متعاون مع المليشيا ببساطه لأنهم يواصلون التواجد في مناطق الحرب ..بل وصل الامر الى التهديد والوعيد …بالموت الشديد ..

الناس في مواقع الحرب ..كيف يتدبرون امرهم ؟

كيف يمكنهم العيش بسلام حتى يتم التحرير ؟

ما هي افضل طريقة للحياه في تلك المناطق ؟

دع كل هذا

على اي اساس تم توزيع الاتهامات ؟ وكيف تتم التحقيقات في هكذا اتهامات برغم ضبابية الموقف ؟

الشئ المؤسف ..ان من يوزع الاتهامات ليس هو العدو ..بل هو ذلك الجار الذي لعبت معه الكره ..او تلك الصديقة التي رافقتها يوما في طريق المدرسة ..

ان لم تعلمنا الحرب اهم درس ..وهو التأكد قبل الاتهام ..التروي قبل اطلاق الاحكام ..ان لم نتعلم ذلك ..فقل على الدنيا السلام

اما اذا دار محور سؤالكم عن صديقتي المذكورة اعلاه ..فلم يردني منها شهادة حياة حتى تاريخه ..واعتقد ان ذلك ببساطة انه ليست هناك شبكة ..او انها لا تملك حق (الاستار لينك)..عسى ان تكون بخير ..

قال ميخائيل نعيمه (وانتهت الحرب ..في ذلك اليوم رقص الملايين من الناس في شتى بقاع الارض ..الا الذين تذوقوا ويلاتها ..اولئك ظلوا صامتين)

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *