منصة قلب إفريقيا الإخبارية

زيارة ماكرون للمغرب ..عهد جديد من العلاقات

لندن :سلطان البان

أستقبل العاهل المغربي محمد السادس رفقة ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد شقيق الملك أمس الاثنين 28 أكتوبر 2024، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و حرمه بريجيت ماكرون مع وفد رفيع المستوى من وزراء ورجال أعمال فرنسيين ومديري شركات مختلفة .

بعد نزول الوفد الفرنسي من الطائرة بمطار الرباط، جرت مراسم استقبال رسمية  تخللها ما يشبه “العرض العسكري” للحرس الملكي، بعد ذلك أتجه الموكبان إلى القصر الملكي على متن سيارة احتفالية فخمة جابت شوارع الرباط مزينة بألوان العلم الفرنسي، وسط حراسة لصيقة بموكب من الدراجات النارية، عبر فتحة السقف في السيارة التي لوح منها العاهل المغربي والرئيس الفرنسي إلى الجماهير التي كانت مصطفة على طول الطريق تهتف لهما، قبل أن يتوقفا لوهلة تجوالا في نقاط محددة لفترة قصيرة.

الاعلام الفرنسي أشاد بهذه الزيارة باعتبارها نقطة تحوّل مهمة وتحديث جديد للعلاقات الثنائية مع المغرب، معتبرا أن باريس تسعى لإعادة بناء استراتيجية جديدة للعلاقات الديبلوماسية في المنطقة و التي ستسير عليها لتحقيق أهدافها خلال السنوات المقبلة، وفي المقابل ثمن الاعلام المغربي الرسمي هذه الزيارة باعتبارها خطوة مهمة تتخلها اتفاقيات التعاون المشترك في مجال التعليم، والصحة، و الهجرة، والأمن، وذلك اسقاطا على الوفد الذي رافق ماكرون خلال هذه الزيارة، حيث شارك فيها ما لا يقل عن تسعة وزراء فرنسيين، من بينهم وزير الداخلية برونو ريتيللو، ووزير الاقتصاد أنتوان أرمان، ووزير التربية الوطنية آن جينيتيه، ووزيرة الثقافة رشيدة داتي ذات الأصول المغربية.

الرباط ترغب بشدة في تطوير علاقتها مع فرنسا وتوسيع دائرة استثمارات الاخيرة في الصيد والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والفوسفات. في المقابل تسعى فرنسا أن تظل مصدر اعتماد المغاربة الوحيد في مجال الخدمات المتعددة، وعلى رأسها مشروع خط القطار فائق السرعة بين طنجة وأغادير، بعد تدشين القسم الأول وسط ضجة اعلامية كبيرة في عام 2018 ولكن تركيز فرنسا ينصب على ملف الهجرة من جهة لإجبار المغرب على استعادة رعاياها الموقوفين في وضع غير نظامي والذي تعثر مساره بسبب أزمة التأشيرات بين البلدين.

لا شك أن هناك جملة من الخلافات الفرنسية المغربية تشكلت عبر السنوات القليلة الماضية، وأبرزها، تلك التقليدية مثل قضية حقوق الإنسان وخاصة فيما يتعلق بحقوق اللاجئين والمهاجرين، و القضايا السياسية الإقليمية، بما في ذلك الصراعات في منطقة الصحراء الغربية والتدخلات الخارجية في المنطقة، وأخرى حديثة أنشأتها السياسة الاقليمية أبرزها الاشتباه في قيام إيمانويل ماكرون بالتنصت على الهاتف، وصولا إلى خفض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف في الفترة 2021-2022 لدفع الرباط إلى استعادة رعاياها غير الشرعيين المطرودين من فرنسا، كما أن الأولوية التي أعطاها الرئيس الفرنسي للجزائر بعد إعادة انتخابه في عام 2022 شكّلت امتعاضا مغربيا .

يشكل ملف الصحراء الغربية واحدا من الملفات الحساسة لدى المغرب، والذي يوّسع دائرة الخلاف بين المغرب والجزائر، خصوصا أن الاخيرة تحتضن مقاتلي البوليساريو لأكثر من نصف قرن، لكن الديبلوماسية المغربية نجحت خلال السنوات الماضية في تحقيق نتائج إيجابية على المستوى الدولي وذلك بعد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على هذه المنطقة، مما دفع الرباط إلى تكثيف جهودها للضغط على فرنسا للقيام بذات الخطوة، مما شكل بعض الفتور الديبلوماسي بينهما، لكن باريس ظلّت أكثر حرصا على عدم إثارة غضب الرباط نظرا لمصالحها الاقتصادية الكبيرة والمتعددة، لذا إكتفت بفكرة تأييد حل مسألة الصحراء الغربية “في إطار السيادة المغربية” و يرجع ذلك من جهة إلى ديبلوماسية الجزائر العاملة في صمت، وهو ما جعل باريس أمام خيارين أحلاهما مر.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *