انجمينا :قلب افريقيا
انتقد الكاتب التشادي سنوسي أبكر محمد مشاركة مواطنين تشاديين في الحرب السودانية الى جانب مليشيا الدعم السريع ، وكتب مقالا مطولا في وسائل الاعلام التشادية بين فيه المخاطر التي تنطوي على هذه المشاركة لهم كافراد اومجتمعات .
واستهل مقاله بقوله في لحظات التاريخ الفاصلة، حيث تُراق الدماء وتُهدم البيوت وتُشرد العائلات، يكون الموقف الأخلاقي قبل السياسي هو المحك الحقيقي لإنسانيتنا، لكن المؤسف أن بعض التشاديين، رغم ما يفترض أن تربطهم بالسودان من روابط الجوار والدم والتاريخ المشترك، اختاروا أن يكونوا جزءاً من لعبة الموت الدائرة هناك، مقدمين الدعم لطرف ضد آخر في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، على حد علمي.
وأضاف كيف تسمح لهم أنفسهم بذلك؟ هل هي المكاسب المادية الزائلة؟ أم هو الحماس الأعمى الذي يعمي البصر والبصيرة؟ هل يظنون أن نار الحرب ستبقى محصورة داخل السودان ولن تمتد إلى ديارهم؟ إن من يلعب بالنار لن يكون في مأمن منها، ومن يشعل الفتنة اليوم سيكون غداً أول ضحاياها، كما هو معلوم لدي الجميع .
وتساءل سنوسي طيب، ماذا عن حقوق الجوار؛ هل نسيناها؟ مسترسلا إن العلاقة بين السودان وتشاد ليست مجرد خطوط رسمها المستعمرون على الخريطة، بل هي وشائج دم وعلاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية متشابكة، وحقوق الجوار لا تعني فقط تبادل المنافع، بل تعني أيضاً الوقوف معاً ضد ما يهدد أمن واستقرار أي من البلدين، لا أن يصبح البعض جسوراً تُعبر عليها الفوضى من بلد إلى آخر.
وأوضح ان مشاكل الحدود بين السودان وتشاد ليست وليدة اليوم، لكنها تتفاقم عندما يُدعم طرف ضد آخر، فينتقل لهيب الصراع إلى القرى والمدن الحدودية، وتصبح المجتمعات البسيطة هي الضحية الأولى، وما أشد الألم حين يكون الأخ هو من يطعن أخاه، ظاناً أنه يخدم قضية، بينما هو في الحقيقة يزرع بذور الكراهية والحقد لأجيال قادمة.
ووزاد لا ننسي بأن القبلية سرطان الولاء الأعمى يقود بعضهم الي التهور، وأكثر الأمور التي تؤجج الحروب في إفريقيا، ومنها السودان وتشاد، هي القبلية التي تجعل البعض يرون الحق محصوراً في أبناء عشيرتهم، حتى لو كانوا على باطل، وما إن يشتعل صراع في أي بلد، حتى يبدأ بعض المتعصبين في دعمه، ليس بناءً على المبادئ، بل بناءً على صلات الدم والانتماء القبلي.
وقال لكن متى يفهم هؤلاء أن الولاء الأعمى للقبيلة لا يصنع أمماً قوية، بل يفتتها إلى دويلات متناحرة؟ وأنه عندما يعبر الأمر الحدود، فإن الوطن كله يصبح في مهب الريح؟ ما يحدث اليوم في السودان يجب أن يكون درساً لنا جميعاً، بأن القبلية إذا تحكمت في مصائر الدول، فلن يكون هناك وطن، بل ستكون هناك جزر متناحرة تأكل بعضها بعضاً.
واردف المثقفون، خيبة الأمل الكبرى. إذا كان من السهل تبرير تورط بعض البسطاء في هذه الفوضى بسبب الجهل أو الحاجة، فكيف نفسر دعم بعض المثقفين التشاديين لطرف من الأطراف المتحاربة في السودان؟ كيف لمن يدّعي الفهم والعلم أن ينحاز إلى الحرب بدل أن يكون صوتاً للسلام؟
وابان قائلا كان المنتظر من المثقفين أن يكونوا دعاة تهدئة، أن ينادوا بالحوار، أن يستخدموا أقلامهم ومنابرهم لوقف نزيف الدم، لا أن يتحولوا إلى أبواق تحريض تسهم في تعميق المأساة.
وتساءل مرة أخرى متى يدرك هؤلاء أن الكلمة قد تكون رصاصة، وأن موقفهم قد يحدد مصير شعب بأكمله؟ تابع صوتياتهم في الوات ساب وكلماتهم ، حين تنفجر قذيفة في بيت آمن، لا تسأل عن هوية الضحية، هل هو تشادي أم سوداني، عربي أم إفريقي، مسلم أم مسيحي؟ حين تنطلق رصاصة قاتلة، لا يهمها اسم من ستخترق قلبه، الموت لا يعرف الحدود، والنار التي تشتعل في بيت الجار، إن لم نطفئها، ستصل إلى عتبات بيوتنا جميعاً.
ونادى يا أبناء تشاد قائلا السودان ليس ساحة لتصفية حساباتكم، ولا ميداناً لتجريب ولاءاتكم القبلية، كفى عبثًا، وكفى دعماً للقتل والدمار، من أراد أن ينصر السودان، فليكن داعية سلام، وليحمل فكراً لا سلاحاً وإلا، فليستعد ليوم تشتعل فيه النار في أرضه، وحينها لن يجد من يبكي عليه ، واختتم آن الأوان لنستيقظ.